وكأن هناك من ينتظر الجيش اللبناني على الكوع، وقد وجد البعض من حادثة كوع الكحالة فرصة للإنقضاض عليه وعلى دوره الوطني.
هذا الدور الذي شكل وما زال يشكل صمام أمان اللبنانيين على مدار عقود من الحروب المتنقلة وجولات العنف والتوترات الامنية والاشكالات والثورات والاعتصامات وقطع الطرقات وصولا الى الصمود الاسطوري منذ بدء الأزمة الاقتصادية والانهيار المالي، حيث يعمل الجيش قائدا وقيادة ورتباء وأفرادا باللحم الحي ويجهد ويجاهد في تنظيم صفوفه وتأمين جهوزيته والقيام بواجباته بمناقبية عالية ووطنية لا تفرق بين جهة سياسية أو حزبية أو طائفية وأخرى.
يبدو واضحا أن بعض التيارات السياسية لا يروق لها هذا الدور، وخصوصا عدم إنجرار الجيش خلف الشعارات الطائفية رغم حساسية المرحلة في اتجاهين:
الأول، الاتجاه السياسي وتحديدا رئاسة الجمهورية.
والثاني، الاتجاه الدولي، لا سيما ما يتعلق بالضغوطات الأميركية على المؤسسة العسكرية لاستدراجه الى مخططات تهدف الى وضع الجيش في وجه المقاومة.
في ظل الحساسيات اللبنانية المفرطة والنفس الطائفي الذي يواكب كل المواقف، يسير الجيش بين النقاط، ويتعاطى مع الأحداث بكثير من الوعي والحكمة حقناً للدماء ومنعاً للاستغلال وحفاظاً على السلم الأهلي.
ولم يبدل الجيش من سلوكه في حادثة الكحالة حيث نجح في الفصل بين الشبان الحزبيين وبين العناصر المولجين بحماية الشاحنة التي عمل على تفريغها ورفعها من مكانها وفتح الطريق الذي تم إغلاقه إحتجاجا، وكان سبق ذلك قبل أسبوع إشتباكات مخيم عين الحلوة حيث تشير المعلومات الى أن المؤسسة العسكرية لعبت دورا هاما واساسيا من أجل الحفاظ على السلم الاهلي من جهة، والتصدي لكل الأجندات الخارجية التي حاول البعض تنفيذها سرا أو علانية.
وبالرغم من كل هذه الجهود لم يسلم الجيش اللبناني من الاستهداف الذي تولاه بالمباشر حزب الكتائب الذي وجد الفرصة مؤاتية لتصفية الحسابات معه وإتهامه بإعادة محتويات الشاحنة للمقاومة من دون الاستناد الى أدلة وبراهين، وهذا الامر وإن حصل فإنه لا يتعارض مع القانون خصوصا مع تشريع المقاومة في البيانات الوزارية التي شارك ممثلون عن الكتائب في حكوماتها.
كما تولى الاستهداف بالواسطة التيار الوطني الحر الذي لدى رئيسه جبران باسيل أزمة سياسية مع قائد الجيش على خلفية الاستحقاق الرئاسي.
هذا الهجوم الخطير وغير المبرر على الجيش ضاعف من حجم الاحتضان الوطني له ومن التمسك بثلاثية “الجيش والشعب والمقاومة” في وجه المشاريع الفتنوية التي يحاول البعض استدراج البلد اليها لتحقيق مكاسب سياسية وزعامة على حساب دماء الابرياء.