أطلق الإنهيار باكورة اعصاره على إعلام الوطن ، فهوَت الشاشة الوطنية من عليائها مضربة بالإقفال.
أجيال وأجيال رافقت عصورا بمختلف المواقف والمراحل، هذه الشاشة المترهلة تتكئ على عصا أرشيف عجوز، غني الرقي والحضارة، وحيداً لا يملك من يفكر في تنظيمه وبث الحياة فيه.
من منا لم ينشأ على حكاية “العبيد العشرة” التي حملت توقيع المخرج الفذ جان فياض، للكاتبة اغاتا كريستي، حيث تألق أنطوان كرباج في دوره، منافساً كبار السينما العالمية. ولننسى الروائع الدرامية، ولنطلّ من شرفة الماضي على مقابلات وحوارات مع كبار في السياسة والآداب والفنون على اختلافها. غذاء فكري وروحي هي، ما أحوجنا إليه في زمن القحط العميم.
“التلفزيون العقيم” الذي ما زال يعيد عرض مسلسلاتنا لاكثر من مليون مرة (كما يعرف عنه البعض وبسخرية) آلا يستحق الرعاية والإهتمام من قبل المسؤولين المعنيين والعمل على طرح خطة سريعه علها تعيده الى تنافس مع باقي القنوات التي تعمل من دعم الخارج والتجارة والاعلانات، والتي تفتقر للحيادية والنزاهة.
تأسس تلفزيون لبنان في عهد الرئيس كميل شمعون عام 1959 بدمج شركتين هما “شركة التلفزيون اللبنانية” و”تلفزيون لبنان والمشرق”، تحت إشراف الحكومة اللبنانية، وأبرز المشكلات التي تواجه استمرارية التلفزيون “تأخر صرف مستحقات الموظفين الذين يخوضون إضرابا، ويرفضون الاستمرار بعملهم، رغم المحاولات الكثيرة لإيجاد الحلول التي لم يقصر الوزير زياد مكاري في إستنباطها.
دخلت نقابة موظفي تلفزيون لبنان، في إضراب مفتوح عن العمل منذ الخميس الماضي، مطالبين بنيلهم مستحقاتهم، التي تقول إنها لم تصرف منذ أشهر.
ودعت النقابة جميع زملائها في تلفزيون لبنان لـ”التواجد معا لإيصال صوتهم”، مشددة على أن الموظفين لم “يتقاضوا رواتبهم الشهرية حتى الآن، ما يؤكد عدم صدق الوعود التي تم إعطاؤها منذ أشهر”.
وما بين الأخذ والرد، صدر القرار الصادم صباح اليوم بوقف البث ما يهدد بإقفال مؤسسة جديدة من مؤسسات الدولة. ودفن ذاكرة شعب وتاريخ وطن، لينتهي المطاف به الى أرشيف الذاكرة.
شكل الخبر صدمه كبيره لرواد مواقع التواصل الاجتماعي الذين إنقسموا بين من يؤيد وقف البث تمهيدا للاقفال وبين من هو غاضب على هذا القرار، الا ان وزير الاعلام عاد و صرح بأن “تلفزيون لبنان لم يُقفل ولا نية لديّ بذلك وكلّ ما نُشر كذب ونحن نُحاول معالجة المشاكل وغالبية مطالب الموظّفين حُقّقت”.
وأضاف :”عودة بثّ تلفزيون لبنان في الساعات المقبلة، والمصلحة تقتضي انتظام العمل بشكل طبيعي”.
ويبقى السؤال، أحقاً لا يليق بـ “تلفزيون لبنان” العيش لمجرد كونه إحدى ضحايا الإنهيار الضارب في رفات الدولة؟!..