وكأن الحركة السياسية في لبنان توقفت، ولم يعد هناك من مسار يتم التعويل عليه إلا الحوار الذي بدأ بين التيار الوطني الحر وحزب الله، على أسس جديدة وديناميكية مختلفة عن الجمود والرتابة التي سادت الأعوام الأخيرة من علاقة الشريكين "المتفاهمَين".
ففي ظل انتظار معظم الطبقة السياسية المبادرات الخارجية، ومنها حركة الموقفد الفرنسي جان إيف لودريان، تحول الحوار بين القوتين السياسيتين الكبيرتين، إلى نافذة أمل يمكن أن توفر مخارج للحل، شرط تقاطع القوى السياسية والطائفية اللبنانية الرئيسية عليها. وقد استقطب هذا الحوار كل الأنظار السياسية والإعلامية، في الوقت الذي لم يصدر عن خصوم الطرفين ردود فعل قاسية، باستثناء الأوصاف التي أغدقها رئيس "القوات" بالأمس على العلاقة بين الحزبين واصفاً إياها ب"الشيطانية".
يكمن سر الحوار المستجد في عاملين أساسيين. الأول أنه يحمل مطالب جديدة، من شأن إقرارها إحداث تحول كبير في النظام السياسي وآلية الإدارة المالية للبلد. ذلك أن اللامركزية المالية من شأنها أن تؤسس للبنان جديد وتفتح للبنانيين في مناطقهم آفاق التنمية المتوازنة والتطور الإقتصادي وتمكين القدرات الذاتية. أما الصندوق الإئتماني فهو "ضمان" لحقوق اللبنانيين في الأملاك العامة وأصول الدولة، كي لا تذهب مرةً أخرى إلى جيوب المنظومة المصرفية – السياسية ومقاوليها.
العامل الثاني في الحوار التأسيسي للتيار الوطني الحر وحزب الله، هو أنَّ قدرتها وتأثيرهما والقدرة على استقطاب قوى سياسية أخرى، كلها عوامل تعزز من فرص إنجاح هذا الحوار وما يتم التوافق عليه لجهة هذين المطلبين، وفيما يتعلق بالحل المنشود لرئاسة الجمهورية.
وفي ملف استجواب رياض سلامة، تحول هروبه من المثول أمام الهيئة الإتهامية لبيروت أمراً عادياً لا تنتفض له حكومة مبتورة تستظل غطاء الديمان، ولا سياسيون وإعلاميون ملأوا الدنيا زعيقاً وصراخاً ضد القاضية غادة عون حين كانت تنفذ واجباتها القضائية قبل الأخلاقية والوطنية. وهكذا مرَ خبر ذريعة "عدم تبلغه" من الضابطة العدلية، أمراً لم يستثِر إلا قلة من ردود الفعل من النواب والناشطين.
إقليمياً، لفتت المقابلة على "سكاي نيوز – عربية" للرئيس السوري بشار الأسد، ال1ي أكد في ملف لبنان أنهم كدولة سورية "لم نتدخل لحل الأزمة في لبنان ولا ندعم أي مرشح"، لافتاً إلى أن "موقف حماس منا كان مزيجا من الغدر والنفاق".
وأشار الأسد في جانب آخر إلى أن "الحوار مع واشنطن بدأ منذ سنوات ويجري بشكل متقطع ولم يؤد لأي نتيجة"، معتبراً أنه "لو تفادينا الحرب كنا سندفع ثمنا أكبر بكثير لاحقا"، موضحاً أننا "كنا نعرف منذ بداية الحرب أنها ستكون حربا طويلة الأمد".
هذا في السياسة. أما في الأمن فقد تحوّلت يوميات اللبنانيين إلى كابوس بسبب تواصل وتكاثر الجرائم وعمليات القتل والسلب، فضلاً عن استسهال الإنتحار. ففي عين إبل، تحول لغز اختفاء الياس الحصروني، أحد وجهائها إلى كابوس بعد الإعلان عن مقتله، في الوقت الذي ساد فيه التوتر شباب البلدة وارتفعت المطالب بمعرفة الحقيقة.
ومن وادي الزينة أمس إلى الجديدة اليوم حيث حصلت جريمة مزدوجة بين القتل والإنتحار، في الوقت الذي لا تزال فيه طرقات الموت والسرعة حصاد أرواح الشباب.