ليس هو التصريح الأوّل من نوعه الذي يخرج به محافظ بعلبك ـ الهرمل بشير خضر متحدثاً عن أزمة وجود النّازحين السّوريين في محافظته، والمشاكل التي يخلّفها وجود عدد كبير منهم في المحافظة التي يرأس إدارتها، بحيث بات عددهم يفوق عدد سكّان المحافظة من المواطنين اللبنانيين.
فقد دأب المحافظ خضر، في الآونة الأخيرة، على الخروج كلّ حين ليدلي بموقف أو معلومات عن النّازحين السّوريين في محافظة بعلبك ـ الهرمل، متحدثاً عن تداعيات هذا الوجود أمنياً وبيئياً وخدماتياً بشكل يفوق قدرة لبنان على التحمّل ويرهق كاهله، وداعياً إلى معالجة هذا الوجود قبل فوات الأوان.
آخر المعلومات التي أدلى بها المحافظ خضر عن وجود النّازحين السّوريين في محافظة بعلبك ـ الهرمل كشفت أنّه يوجد فيها 315 ألف نازح سوري، في حين أنّه لا يوجد فيها أكثر من 250 ألف لبناني، أيّ أنّ النّازحين السّوريين أكثرية في المحافظة المذكورة، مشيراً إلى أنّ هذا الواقع يدفع دوائر المحافظة إلى الإهتمام ومعالجة مشاكل 565 ألف شخص، لبناني وسوري، وهو رقم يفوق قدرة المحافظة والدوائر الرسمية فيها على تحمّله، ضارباً على ذلك مثلاً ببلدة عرسال التي يوجد فيها 20 ألف لبناني، بينما يسكنها 94 ألف نازح سوري، أيّ أكثر بقرابة 5 أضعاف.
هذه الشكوى من تبعات وجود النّازحين السّوريين في لبنان ليست الأولى ولن تكون الأخيرة من قبل المسؤولين الرسميين وغيرهم، تحديداً مع تزايد هذه التبعات وانخفاض قدرات الدولة على تحمّلها، تزامناً مع تراجع المساعدات الخارجية التي تأتي إلى لبنان في هذا الصدد.
لكن ربما فات خضر وغيره من المسؤولين أنّ الدولة اللبنانية تتحمّل منذ بداية الأزمة السّورية والنّزوح السّوري إلى لبنان عام 2011 ما وصل إليه الوضع هذه الأيّام، لأنّها لم تتعامل مع هذه الأزمة بشكل يصبّ في مصلحة البلاد قبل أي اعتبار آخر، ذلك أنّ الإنقسام السّياسي الداخلي جعل الدولة شبه مشلولة وغير قادرة على اتخاذ أيّ تدبير او وضع أيّ خطّة لمواجهة هذه الأزمة، ما جعلها تتراكم وتكبر لتصل إلى هذا الحدّ.
كما أنّ رفض الدولة اللبنانية التفاوض مباشرة مع الدولة السّورية لهذا الغرض أبقى الأزمة تراوح مكانها، بفعل ضغوط خارجية على لبنان لإبقاء النّازحين السّوريين حيث هم، إضافة إلى تقاعس المسؤولين اللبنانيين وتقصيرهم في هذا المجال. ففي حين إستطاع وزير الزراعة الحصول، مؤخّراً، على قرار سوري بتخفيض رسوم عبور الشّاحنات اللبنانية عبر الأراضي السّورية (الترانزيت) 50 في المئة، كان يمكن لبقية الوزراء وكذلك بقية أركان الدولة الحصول على قرار سوري يساعد في تخفيف عبء النّازحين السّوريين، لكنهم لم يفعلوا، برغم أنّ السّلطات السّورية أبدت أكثر من مرّة إستعدادها تسهيل عودة النّازحين من لبنان إلى سوريا، لكن شرط أن يتم التفاوض حول هذا الأمر بين الدولتين بشكل رسمي ومباشر.