كشفت أرقام رسميّة صادرة عن السلطات في الصين اليوم أن البلاد شهدت خلال الشهر الماضي أكبر تراجع في صادراتها منذ العام 2020، أي منذ مرور الاقتصاد العالمي بأزمة تفشّي وباء كورونا.
فبحسب الأرقام، انخفضت مبيعات السلع الصينيّة في الأسواق العالميّة بنسبة 14.5% خلال شهر تمّوز، لتسجّل بذلك انكماشًا للشهر الثالث على التوالي. وباستثناء الارتفاع المسجّل في شهري آذار ونيسان الماضيين، شهدت الصادرات الصينيّة تراجعات متواصلة في جميع الأشهر منذ تشرين الأوّل 2022، وهو ما عاكس بشكل جذري التوقّعات بانتعاشة سريعة في هذه الصادرات هذا العام، بعد رفع الصين القيود المتصلة بتفشّي وباء كورونا منذ بداية 2023.
وتشير التحليلات إلى تعدّد الأسباب التي حالت دون ارتفاع الصادرات الصينيّة كما كان متوقّعًا في بداية السنة، ومنها ارتفاع احتمالات حصول ركود في الولايات المتحدة، وارتفاع معدلات التضخّم العالميّة، بالإضافة إلى الضغوط الناتجة عن الحرب في أوكرانيا. وهذا ما دفع السلطات الصينيّة إلى الإعلان عن رزم دعم عديدة، لمحاولة إنعاش الاقتصاد المحلّي ورفع معدلات النمو الاقتصادي.
وشهد مؤشّر "هانغ سنغ" للشركات الصينيّة تراجعًا بنسبة 1.6% اليوم الثلاثاء، مسجلًا أضعف أداء مقارنة بمؤشّرات شرق وجنوب آسيا، كنتيجة لمخاوف المستثمرين بعد الإعلان عن أرقام الصادرات. كما سجّل الدولار الأميركي ارتفاعًا مفاجئًا مقارنة بسلّة من العملات العالميّة الأخرى، وسط توقّعات بتخفيف قضبة السلطات الصينيّة على اليوان، ما دفع المستثمرين إلى التمسّك بالعملة الخضراء على المدى القصير.
ويمثّل تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني هذه السنة عامل قلق للأسواق العالميّة، إذ ساهمت هذه التطوّرات بالضغط سلبًا على سعر برميل النفط، وهو ما دفع تحالف "أوبيك+" هذه السنة إلى الإعلان عن تخفيضات متكرّرة في الإنتاج. ومن المرتقب أن يستمر تباطؤ الطلب على الصادرات الصينيّة بالحد من الطلب على النفط في الأسواق العالميّة خلال النصف الثاني من هذا العام، وخصوصًا إذا فشلت رزم الدعم الحكومي الصينيّة في تعزيز معدلات النمو.
وبالإضافة إلى كل هذه الهواجس، كان صندوق النقد الدولي قد حذّر في تقرير سابق له هذه السنة من مخاطر "المزيد من تجزئة التجارة العالميّة"، في إشارة إلى النزاعات التجاريّة والقيود المتبادلة ما بين الصين والولايات المتحدة الأميركيّة، بما في ذلك الحروب التجاريّة المتصلة بقطاع التكنولوجيّات الفائقة. إذ يستمر هذا النوع من الحروب التجاريّة والإجراءات الانتقاميّة المتبادلة في الحد من تدفّق السلع عبر الأسواق العالميّة، كما يستمر بالضغط سلبًا على صادرات الصين بشكل خاص.