لم يكن مستغربا إصدار سفارة المملكة العربية السعودية في لبنان تحذيرا لرعاياها بعدم التواجد في المناطق التي تشهد نزاعات مسلحة ودعوتهم الى مغادرة لبنان، وما تلا ذلك من بيانات من سفارات إكتفت بالتحذير، فليست المرة الأولى التي تبادر فيها السفارات الى إصدار مثل هذا النوع من البيانات التحذيرية، بل سبق وقامت بذلك مرات عدة بالتزامن مع حصول توترات أمنية في أي منطقة من لبنان.
لكن المستغرب، هو مسارعة البعض من قيادات ونواب ومحللين الى التطبيل بهذه البيانات وتوظيفها في خدمة التجاذبات السياسية وتسجيل النقاط وإستهداف هذا الفريق أو ذاك، ونسج العديد من السيناريوهات المرعبة حولها، ما جعل تأثيرهم السلبي على البلد وعلى ما يشهده من سياحة ناشطة أقوى بكثير من تأثير بيانات السفارات التي جاءت ضمن إطار إهتمام كل سفارة بأمن رعاياها خصوصا مع إطالة أمد الاشتباكات في مخيم عين الحلوة لخمسة أيام متتالية وإعطائها أبعادا إقليمية، فضلا عن الشائعات التي تحدثت عن إمكانية إمتدادها.
يبدو واضحا، أن البعض في لبنان ينتظرون “جنازة لكي يشبعوا فيها ندب”، خصوصا أولئك المجردين من المسؤولية الوطنية الذين بدل أن يعملوا على التخفيف من تداعيات بيانات السفارات، إنطلقوا في حملة تهويل وتخويف وتقمصوا أدوار “العرافين” في توقع حرب في المنطقة وتفجير أمني في لبنان، في حين أن كل المؤشرات تدل على أن الوضع مستقر نسبيا، ولو كان هناك قرار بالفلتان لما تم الانتظار الى الآن، حيث شهدت الساحة اللبنانية أحداثا وآخرها في مخيم عين الحلوة كل منها يشكل سببا لاندلاع حرب أهلية وليس توتر أمني فحسب.
لا شك في أن كلام السفير السعودي وليد البخاري أمام وفد “التجدد للوطن”، قد ساهم في تنفيس الأجواء المشحونة وتبديد المخاوف، خصوصا أنه وضع الأمور في نصابها، عندما أشار الى أن “دعوة السعوديين لمغادرة لبنان أتت على خلفية أحداث مخيم عين الحلوة وأن المملكة حريصة على مواطنيها أينما وجدوا ولا يمكن أن تفرط بهذا الموضوع” لافتا إلى أن “المملكة كانت وستكون من أهم المشجعين للسياحة في لبنان وان الفترة المقبلة ستثبت ذلك إن توصل اللبنانيون إلى حل أزمتهم”.
وفي هذا الاطار، سارع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى إحتواء أزمة البيانات التحذيرية، فعقد لقاء مع وزيري الخارجية عبدالله بوحبيب للتواصل مع الأشقاء العرب وطمأنتهم الى سلامة رعاياهم في لبنان، كما طلب من وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي دعوة مجلس الأمن المركزي للانعقاد للبحث في التحديات التي قد يواجهها لبنان في هذه الظروف الإقليمية المتشنجة، واتخاذ القرارات المناسبة لحفظ الامن في كل المناطق اللبنانية.
وطمأن ميقاتي أن “لا خوف من خضات امنية”، مؤكدا أن “معالجة الوضع المضطرب في عين الحلوة شارفت على نهايتها”، وقال: “بالامس عقدت اجتماعا مطولا مع القيادة الفلسطينية في لبنان ومسؤولين امنيين لبنانيين واتفقنا على آلية معينة التزم بها الفلسطينيون، وصدر بيان فلسطيني بهذا الصدد”.
وبعد ترؤسه إجتماع الأمن المركزي أكد الوزير مولوي أن لا تخوف من أحداث أمنية، في حين طمأن وزير السياحة وليد نصار أن البلد بخير والسياحة بخير، ومن حق اي بلد اتخاذ ما يراه مناسبا لرعاياه، لكن الامن في البلد مستتب.