في الذكرى الثالثة لهيروشيما بيروت، طوفانٌ من الكلمات والتصريحات، ووقفات تحيي المأساة في الداخل اللبناني استذكار وترحمٌ على الشهداء وكلامٌ ضبابي عمومي عن المسؤوليات، وفي الخارج حزمٌ أميركي و"عاطفة" من "الأم الحنون"، لكن كل ذلك ممنوع من الصرف طالما أن الجوهري لم يتحقق وهو إحقاق العدالة ومحاسبة المرتكبين ومعرفة حقيقة هذا اللغز الذي تحول إلى الكارثة الأكبر في التاريخ اللبناني.
في لبنان، كل يصرح بحسب المصلحة السياسية، لا بل يعبر عن الميلودراما اللبنانية بين المأساة والمهزلة... فرئيس "القوات" سمير جعجع ربط عدم حصول التفجير بحلم جلوسه في بعبدا، معتبراً أن هذا الأمر كان ليمنع الإنفجار! التصريحات الصادرة عن فريق الثنائية الشيعية، ركزت بمعظمها على تسييس التحقيق. وهكذا، يمكن أن يحصل مئة انفجار مماثل، من دون أن يتغير اللا منطق في سلوك القوى الممسكة بالنظام اللبناني، طالما أنه بعد ٣ أعوام لا زلنا في التبريرات نفسها، والتنصل نفسه.
في الخارج، كررت الولايات المتحدة دعوتها للمساءلة والمحاسبة عبر القضاء، أما إيمانويل ماكرون فقد اختار خطاب الرعاية والدعم، مؤكداً الإستمرار في الوقوف إلى جانب لبنان، قائلاً للبنانيين: " لبنان ليس وحيداً، يمكنكم الإعتماد على دعم فرنسا"....
وحده التيار الوطني الحر لا زال عند موقفه المبدئي الذي أعلنه منذ البداية، وهو كشف الحقائق والمحاسبة حتى لو اقتضى ذلك "تحقيقاً دولياً"، كما أكّد اليوم رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل للمرة الثانية في غضون يومين، وذلك في فيديو "دقيقة مع جبران". وقد شدد باسيل على أن الحقيقة لا تزال مخطوفة، وعلى البحث في سبب التفجير وعدم الإقتصار فقط على التقصير الوظيفي، من دون أن ينسى استذكار الظلم الذي رفع عن بعض الموقوفين سابقاً، مشيراً إلى أن ذلك غير كاف، طالما أن التحقيق لم يتوصل إلى معرفة سبب الإنفجار...