من المفارقة في بلد التناقضات أن يحتفل اللبنانيون بعيد جيشهم بالتغريدات والمواقف، فيما هو ممنوع من تنفيذ السيادة على بعد أمتار بين حاجزه ومخيم عين الحلوة. هو عنوان للتناقض الفاضح بين الحقيقة والوهم الذي تروج له الطبقة المصرفية – السياسية الطفيلية عبر إعلامها الممسوك الذي يسوّق الدعاية الكاذبة عن صورة محصورة ببضعة مطاعم وفنادق وملاهٍ، في الوقت الذي تَطمُر فيه المعضلات الأمنية والسياسية والمالية الخطرة، كل هذه الأوهام بركامِ الحقيقة القاسية، ما دامت الإصلاحات الجذرية لم تُقَر بعد.
ففي عيد الجيش البطل، الصامد، الصابر على مآسي منظومة التسعينات، وهي التي حاولت تقييده، وضبطه، منذ إشكال وزارة المال عام 1993، لا يزال مخيم عن الحلوة مشتعلاً. تنخفض نسبة التوتر لبعض الوقت، ثم تتواصل الإشتباكات العنيفة التي بات طبيعياً أن تستخدم فيها قذائف الهاون والمدفعية المتوسطة المباشرة.وعلى الرغم من تواصل المساعي الرامية إلى التهدئة، ومن بينها موقف مفتي صيدا سليم سوسان الذي شدد اليوم على عبثية القتال، فإن التنفيذ ينتظر تبريد النفوس المحتقنة والمتعطشة للإنتقام بعد أقوى ضربة تلقتها حركة "فتح" باغتيال أبو أشرف العرموشي. وفي هذا الإطار اشتدت الإشتباكات بعد الظهر بين حيي البراكسات والصفصاف مع تواصل استخدام القذائف الصاروخية في شكل مكثف.
وعلى خط الملفات الداخلية، فإنَّ منح الغطاء التشريعي لنواب حاكم مصرف لبنان لتمويل الحكومة، لا يزال حتى الساعة متوقفاً عند التناقض نفسه. منظومة التسعينات بقيادة نبيه بري – نجيب ميقاتي تسعى للإستمرار بالسياسة نفسها، سياسة النعامة والإقتراض حتى آخر دولار للمودعين في الإحتياطي الإلزامي، وقوى أخرى في طليعتها التيار الوطني الحر تربط ما بين تسيير أعمال الدولة وشؤون اللبنانيين، بمجموعة من الملفات الإصلاحية التي بات ذكرها، كهيكلة المصارف وغيرها، ممجوجاً لكثرة ما استهلكها الإعلام وتغاضت عنها المنظومة المصرفية – السياسية. وسيكون هذا الملف والإشتباكات في عين الحلوة على طاولة اجتماع تكتل "لبنان القوي" عصر اليوم.