من السذاجة بمكان التصور أن منظومة التسعينات بقيادة نبيه بري ونجيب ميقاتي يمكن أن تستسلم بسهولة أمام رحيل أداتها والمشرِف على الإرتكابات في قدس أقداس الهيكل المالي رياض سلامة، على الرغم من الموقف الواضح المعلن لحزب الله إزاء رفض هذا التمديد. ذلك أن الحملة التي يشنها سلامة منذ فترة عبر استخدام أدواته من إعلاميين وخبراء ماليين واقتصاديين، كلها تصبّ في خانة السعي للبقاء على رأس الحاكمية، بالتعاون والتكافل والتضامن مع رئيس مجلس النواب، الذي لا تخفى قدرته على اختراع "الأرانب" لاستمرار الهيمنة والتسلط على مقدرات الدولة وأجهزتها.وقد سجل اليوم اجتماع مطول بين ميقاتي ونواب الحاكم، في الوقت الذي تسرب فيه أن رئيس حكومة تصريف الأعمال حاول ثنيهم عن الإستقالة.
على أن هذا الواقع لا يعني أن مجلس النواب معفي من مسؤولياته إزاء ما طرحه نواب سلامة تحديداً، لجهة بعض الإجراءات والمتطلبات الضرورية لاعتماد تغييرات في السياسية النقدية. إذ إن السياسة المالية لا يمكن إلا أن تكون صادرة عن مجلس النواب، الذي سبق وأقدم على إجهاض الكثير من الإجراءات الإصلاحية المالية والإقتصادية حين كان ذلك مطلوباً.
على خط آخر، يُنتظر أن يصل الموفد الفرنسي جان إيف لودريان في الساعات المقبلة، من دون توقع نتائج مفصلية وجذرية من هذه الزيارة، في الوقت الذي ستكرر فيه القوى الأساسية مواقفها من الإستحقاق ومن المرشحين المحتملين. وبمعنى آخر، سيتم تمديد الأزمة في سياقها الحالي إلى أجل غير مسمى، طالما لم توفر القوى الداخلية بالتقاطع مع تغيرات خارجية، فرصة للخروج من المأزق.
إلى ذلك وفي وقت يبقى النزوح السوري القضية الأولى لبنانياً، اشتعل السجال مجدداً بين وزيري الخارجية والمهجرين في حكومة تصريف الأعمال المعنيين بالتعاطي في قضية النزوح. وبعدما وصف الوزير عبد الله بو حبيب الوزير عصام شرف الدين ب"الحشري"، رد شرف الدين بالقول إن بو حبيب قد يكون تعرض لإملاءات خارجية، مؤكداً أنه سيطرح هذا الأمر في جلسة الحكومة.