وكما في كل نهاية لا يريد أصحابها أن يعترفوا بحقيقتها، يضيق الوقت مع النهاية المرتقبة لرياض سلامة في مصرف لبنان، بعدما أدار منه على مدى أكثر من ثلاثين عاماً موبقات المنظومة المصرفية – السياسية في تضخيم الثروات على حساب اللبنانيين، وتثبيت سعر الصرف خلافاً لكل علم اقتصادي، فضلاً عن الإرتكابات والوصل بين الشأن العام والإثراء غير المشروع، فكان أفضل ممثل لتحالف ميليشيات الحرب والمال وسيطرتها على الدولة والشعب.
هذه النهاية لا يريد أرباب سلامة الإعتراف بها. ذلك أنهم يلعبون مجدداً لعبتهم الوسخة في ابتزاز اللبنانيين وإحراقهم أكثر بنار الأزمة والدولار، سعياً لإبقاء دميتهم في "المركزي" المُحاصر بسيف التدقيق الجنائي. كما أن رهان المنظومة لا يرتبط فحسب بالتمديد لسلامة، بل بابتزاز نوابه أيضاً ووضعهم تحت مقصلة الأمر الواقع، بعدما لوحظ قليل من التفلت لدى هؤلاء الذين يسعون إلى هامش من التحرك سواء أمام صندوق النقد الدولي أو أمام اللبنانيين. لكن دون رهان التمديد لسلامة، الإشارات التي أرسلها حزب الله عن عدم الموافقة على ذلك، وخاصة في ظل السعي لتهدئة العلاقة مع التيار الوطني الحر المراقب لكل ما يمس الميثاقية والتلاعب بالستور وانتهاكه، فضلاً عن مبدئية "التيار" في مقاربة الملف المالي والإقتصادي وكيفية الخروج منه.
على خط آخر، تكشف معلومات متابعة للملف الفرنسي ل tayyar.org أن جان إيف لودريان سيعود إلى لبنان الإثنين 24 الجاري. لكن وبغض النظر عن التاريخ، فإن هذه العودة ستكون باهتة بعد البيان التصعيدي للجنة الخماسية، ما اعتُبر تضييقاً أكثر للمهمة الفرنسية، وتحميلها مزيداً من الشروط، ما ساهم بعودة الأزمة إلى المربع الأول وبالتالي توقع مزيد من التأزم في الملف الرئاسي والإستثمار فيه، خاصة من قبل القوى الإقليمية والشخصيات الطامحة للإستفادة من هذه الأزمة للوصول إلى الرئاسة.
وفي الشأن الإقليمي والدولي، وإضافة إلى استمرار السعي لاستنزاف روسيا في الميدان الأوكراني، أعادت الأزمة بين العالم العربي والإسلامي والسويد من جهة ثانية، والتي تستمر من خلال التظاهرات والإعتصامات في دول عربية وإسلامية، الأسئلة الإشكالية حول المساس بالمعتقدات الدينية وإهانتها والإستثمار من قبل بعض القوى الغربي في الفوبيا من المجتمعات الإسلامية، في موازاة التوتر الحاصل في مسائل الهجرة وكيفية انخراط المهاجرين في المجتمعات الأوروبية.