حين يشتدّ الحر وتبلغ درجات الحرارة مستويات أعلى، يتذكر القليل منّا أن وراء الهواء البارد الذي يتسرّب من المكيّف، وينعش الأجواء، ويساعد على أداء عملهم في راحة، مخترعاً عبقرياً نجح في منح البشرية هذا الاختراع الكبير، هذا المخترع هو ويليس كارير، الذي ساعدته أمه على التغلب على مشاكل في الحساب كان يعاني منها في فترة صغره، فردّ الجميل إلى البشرية جمعاء باختراعه واحداً من أهم الاختراعات في العصر الحديث.
ففي عام 1902 قدم ويليس كاريير تصميمه لأول نظام تكييف حديث، محققاً إنجازاً كان يُعتقد في السابق أنه مستحيل، وقد أدى اختراعه إلى ظهور شركة رائدة عالمياً في مجال التدفئة وتكييف الهواء والتبريد.
من هو ويليس كارير؟
وُلد ويليس كارير في حي أنغولا بولاية نيويورك، في 26 تشرين الثاني 1876، لوالدين هما دوان ويليامز كارير، وإليزابيث آر هافيلاند، ومنذ صغره عمل ويليس كارير بجدّ في مزرعة العائلة.
عندما كان ويليس في التاسعة من عمره، وقبل أن يصبح مهندساً لامعاً، عانى في طفولته من مشاكل مع الرياضيات، فهذا الرجل الذي قاد الاختراع الذي مكّن من السيطرة على البيئات الداخلية للمباني، لم يكن قادراً على استيعاب مفهوم الكسور في المرحلة الابتدائية.
ولحل هذه المشكلة كانت والدته تقوم بتقطيع التفاح إلى أجزاء حتى تستطيع أن تقرّب له هذا المفهوم، وكيف يتعامل مع الكسور جمعاً وطرحاً.
لاحقاً قال ويليس كارير إن ذلك كان أهم الدروس التي تعلمها على الإطلاق، وأنه علّمه قيمة حل المشاكل بأسلوب ذكي، إذ واصل استخدام المنطق البسيط للمساعدة في تصور المشاكل الصعبة طوال حياته.
التحق ويليس بالمدرسة الثانوية المركزية في بوفالو بنيويورك، وحصل على منحة دراسية حكومية في جامعة كورنيل، وتخرج فيها عام 1901 بدرجة البكالوريوس في الهندسة الكهربائية، وبعد إنهائه دراسته الجامعية حصل على وظيفة مهندس أبحاث شركة “Buffalo Forge”، وكان يتقاضى راتباً في الأسبوع قدره 10 دولارات فقط.
في 29 آب 1902 تزوج ويليس من إديث كلير سيمور، وهي طالبة جامعية كانت زميلة له في الجامعة، بنيويورك.
الصدفة أوصلته إلى فكرة اختراع المكيف
ساعدت الصدفة Willis Haviland في الوصول إلى فكرة هذا الاختراع، فبينما كانت منصة قطار بيتسبرغ ضبابية في عام 1902، حدّق كاريير في الضباب، وأدرك أنه يمكنه تجفيف الهواء عن طريق تمريره عبر الماء لخلق الضباب.
فكّر كاريير بأنّ القيام بذلك يجعل من الممكن تصنيع الهواء بكميات محددة من الرطوبة فيه، في غضون عام واحدٍ أكمل اختراعه للتحكم في الرطوبة، وهي لبنة البناء الأساسية لتكييف الهواء الحديث.
في عام 1911 قدّم ويليس كارير ورقة هندسية تحتوي على التصميم العلمي لمكيفات الهواء، وفي عام 1915 كان قد أسس شركة كارير التي تعمل في أجهزة التبريد، وهي شركة Carrier Corporation.
أدى الكساد الاقتصادي الذي ضرب أميركا سنة 1930 إلى التقليل من استخدام المنازل والمحلات التجارية لمكيفات الهواء، إضافة إلى نشوب الحرب العالمية الثانية؛ ما دفع كارير للانتقال بشركته إلى مدينة نيويورك، والتي أصبحت واحدة من أكبر أرباب المهنة في قلب نيويورك.
وفي السنة نفسها بدأ ويليس كارير أعماله في كوريا الجنوبية وفي اليابان، واستمر في قيادة شركته حتى وفاته سنة 1950، عن عمر ناهز 74 عاماً.
أدرج اسم ويليس كارير في القاعة الوطنية الأميركية للمخترعين ضمن الأسماء الشهيرة التي قدمت مخترعات مفيدة للبشرية، وذلك في عام 1985، وفي عام 1998 اختارته مجلة التايم ضمن أكثر مئة شخصية مؤثرة في القرن العشرين، وفي عام 2000 بلغت أرباح شركة كارير نحو 8 مليارات دولار ووظفت 45 ألف موظف.