يمضي اللبنانيون وقواهم السياسية في فترة فراغ انتظاري، وعبثي، للتحركات الخارجية المحصورة اليوم بمبادرة جان إيف لودريان. على أن عبثية هذه المبادرة تكمن في عدم توفر فرص نجاحها في شكلٍ فعلي من دون المباركة الأميركية، التي لا تزال اليوم رهن انشغالات الإدارة بملفات أوكرانيا والصين والوضع الإسرائيلي المعقد بسبب التوجهات المتعنة لحكومة نتنياهو.
وفي حقيقة الحال، لا تعول معظم القوى السياسية اللبنانية خيراً على المبادرة الفرنسية سوى المساعدة ببعض الإقتراحات لحوار لا يزال اليوم غامضاً ومن دون ركائز فعلية وحقيقية، في ظل الإختلاف بين القوى اللبنانية على مضمون الحوار وشكله والتوازنات التي تسبقه.
وإذا كان هناك من حوار فعلي وجدي وقادر على التغيير في التوازنات والتصورات لحل أزمة رئاسة الجمهوية، فهو بين التيار الوطني الحر وحزب الله. فعدا المعاني العميقة لهذا الحوار وتعبيره عن هواجس بيئتين وتنظيمين سياسيين، يشكل التيار الوطني الحر بقدرته النيابية والشعبية عاملاً أساسياً للتأثير في الوضع الرئاسي، على ما ظهر جلياً في التقاطع الذي أنجزه مع القوات اللبنانية والكتائب و"التغييريين" حول إسم جهاد أزعور، الأمر الذي سجّله حزب الله وتوقف عنده ملياً في التقييم الداخلي.
ومن البديهي والطبيعي أنه بعد هذا الإختلاف الجدي بين "التيار" و"الحزب"، أن يسير الحوار ببطء وعناية، وتستند إلى تغيير التوجهات السابقة وخاصة لجهة حصرية تمسك حزب الله بسليمان فرنجية، وإلا ما كان هذا الحوار ليعاود الإنطلاق، في انتظار الترجمة الفعلية على أرض الواقع.
وعلى خط مواز، يبقى الأساس في رسم المشهد اللبناني الإستراتيجي، وبالتالي التأثير على الصورة الداخلية، البدء باستخراج الغاز تحت رعاية العين الأميركية على هذه الثورة، والأهم على حضورها في شرق المتوسط في مواجهة الزحف الصيني. ومن المرجح أن يتم البدء بحفر أول بئر للغاز منتصف آب المقبل، في حضور الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين، مع ما يعكسه كل ذلك من رموز لتقاطع المصالح الإستراتيجية على أرض لبنان وبحره.