بات واضحاً أن تركيبة كل من رئيس المجلس نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، متزعزعة نتيجة الضربات المتتالية التي تتلقاها نتيجة بدَعها. فبعدما اندفع هذا الثنائي السلطوي إلى محاولة السطو على ما تبقى من مواقع يجب أن يكون للمسيحيين الكلمة الأولى بها، اضطر إلى التوقف نتيجة "حائط الصد" المسيحي، و"اللجم" الذي تولاه حزب الله.
ذلك أنه في مواجهة العين الساهرة للتيار الوطني الحر المتأهب دوماً لرصد انتهاكات بري – ميقاتي، عجز هذا الثنائي عن نيل بركة مسيحية شاملة لاستباحة "المركزي". فلا بكركي غطّت، ولا القوات اللبنانية انخرطت في هذا المشروع. فبعد تنامي كرة الثلج الإعتراضية والمواقف الواضحة للتيار، أكد النائب غسان حاصباني أنه "حتى لو استقال نواب حاكم مصرف لبنان فهم ملزمون بأن يبقوا في مناصبهم ويقوموا بتصريف الأعمال لحين تعيين حاكم أصيل". وأوضح حاصباني أن "تلويح نواب حاكم مصرف لبنان بالاعتكاف وعدم ممارسة مهامهم يتناقض مع مبدأ تسيير المرفق العام، ويعرضهم للملاحقة القانونية".
وفي وقت كان لموقف حزب الله وقعاً إيجابياً حذِراً أقلَّه في أوساط "التيار"، لما لهذا الأمر من إشارة إلى مراجعة تجاه التعاطي مع الشراكة والميثاقية وبناء الدولة، لا تزال طريق "الحزب" لإنجاز هذه المراجعة طويلةً. فالموقف الرئاسي من سليمان فرنجية لا يزال العقبة الأكبر، كما أن البناء الفعلي للدولة وبدء إصلاحات جذرية وعميقة، يتطلب خارطة طريق من الخطوات والتوافقات والحوار الصريح حول المرحلة المقبلة، التي يحتاج حزب الله إلى بلورة صورة واضحة عنها، كتنظيم عقائدي سياسي ذات بنية خاصة، تتطلب جهداً مضاعفاً عن ذلك الموجود لدى الأحزاب اللبنانية الأخرى.
إلى ذلك لفت كلام بري أمام وفد نقابة المحررين لجهة "أن من يفكر بالإنقلاب على اتفاق الطائف "يقعد عاقل أحسنله"، معيداً لازمة "تطبيق الطائف بدءاً من مجلس الشيوخ واللامركزية الإدارية وقانون انتخاب خارج القيد الطائفي". وهي معزوفة تتكرر في كل بحث في النظام بالتلويح بسيف داموكليس أي الأكثرية العددية عبر الحديث عن قانون انتخاب "خارج القيد الطائفي"، كما أن تصريح رئيس المجلس وحركة "أمل" عن اللامركزية خلا من ركيزتها الأساسية، أي المالية تحديداً، وفي ذلك إشارة واضحة لنزعة الهيمنة والسيطرة على المقدرات المالية ورفض التساوي في الإنماء المناطقي.