تستمر المواقف الرافضة والمستنكرة لخطوة نواب رياض سلامة بالتنصل من مسؤولياتهم وتقديم أنفسهم كبش محرقة لأرانب منظومة نبيه بري – نجيب ميقاتي في التلاعب بحاكمية مصرف لبنان واستمرار سيطرتهم عليها. وقد تصاعدت في الأوساط اللبنانية من بعض النواب والإعلاميين والناشطين في الشأن العام السخرية مما أقدم عليه نواب سلامة الأربعة، في وقت برزت أصوات تعبّر عن المنظومة المصرفية – السياسية تبرر لهم خطوتهم تحت شعار أنهم لا يمكنهم تحمل المسؤولية الملقاة أساسا أساساً على السلطة السياسية.
وفي حين قد يبدو هذا التبرير مقبولاً في الشكل، غير أنه مجوف وفارغ في الجوهر والمضمون، لأن المنظومة المصرفية – السياسية المترابطة بين حاكمية مصرف لبنان والطبقة السياسية الحاكمة من التسعينات والمصارف التجارية، تؤلف واحداً مترابطاً في المصالح والأهداف، ولو ظهرت بعضا لتناقضات العابرة بين هذه الركائز. هذا فضلاً عن أن المسؤولية في إدارة الأزمة والوقت المستقطع تتطلب من هؤلاء النواب اليوم عدم الهروب، وإلا ما الحاجة لهم وللبدلات المالية والمنافع العالية التي يتلقونها من جيوب اللبنانيين؟؟
وإلى جانب القوى المسيحية الحزبية التي تتركز عليها الأنظار لمعرفة موقفها مما يحصل في حاكمية مصرف لبنان، يبرز موقف حزب الله الذي مرر رسالة إيجابية تجاه مبدأ الميثاقية من خلال تسريبات عن عدم مشاركته في أي جلسة تهدف إلى تعيين حاكم جديد لل"مركزي". وإذا صحت الإنطباعات عن أن حزب الله قد وعى أهمية عدم الإمعان في استفزاز البيئة المسيحية المتوجسة من استمرار نهج التسعينات في الإقصاء والإستئثار، يؤمل عندها أن تكون بداية مراجعة ذاتية للنهج السابق الذي ترجم بالموقف من رئاسة الجمهورية وتغطية حكومة ميقاتي.
وفي المواقف الرئاسية، تواصلت مواقف مسؤولي "الحزب" ونوابه الداعية إلى الحوار والمشددة على أن التوافق هو المعبر الوحيد للتوصل إلى حل لشغور الرئاسسة. ومهما يكن من أمر، فإنَّ الخرق الوحيد لا يمكن أن يتم إلا عبر تغير في المواقف، لا يزال مستبعداً حتى الساعة، أو من خلال انتظار التدخل الخارجي و"طبخة" لودريان، التي لا يدري أحد إلام ستطول...
وفي إطار أزمة "المركزي" أحال البطريرك بشارة الراعي أزمة تعيينات الضرورة سواء في مصرف لبنان أو الجيش والقوى الأمنية، إلى الإستمرار في الفراغ الرئاسي ومعطليه، من دون أن يتحدث بتفاصيل إضافية عن مسألة الحاكمية والخيارات التي يمكن أن تُقدم عليها منظومة بري – ميقاتي.
وعلى خط آخر، جدد الراعي المطالبة بإحقاق الحق في قضية القرنة السوداء أمام وفد كبير من أهالي بشري تقدمه بعض النواب وأهالي الضحايا وشباب المدينة، مشيراً بالتفصيل إلى القرارات الصادرة منذ العام 1919 و1998 المتعلقة بالنزاع حول الأرض في القرنة السوداء. وتزامناً تابعت مخابرات الجيش تحقيقاتها التي اقتربت من تحديد السيناريو الشامل لما حصل السبت الفائت، وكذلك أوقفت أحد المشاركين في الإشتباكات المسلحة.