كان لافتاً للعيان البيان الذي أصدره النوّاب الأربعة لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، يوم أمس، ولعله الأوّل الذي يصدره نواب الحاكم في تاريخهم، في سابقة تدل على أنّ وضع المصرف المركزي وحاكمه ونوابه في وضع غير سوي.
البيان الذي استدعى توقّف كثيرين عنده، خصوصاً في الوسطين المالي والسّياسي، نظراً لأهميته، وقّعه نوّاب الحاكم الأربعة، وسيم منصوري وبشير يقظان وسليم شاهين وألكسندر مراديان، وتضمن دعوة لتعيين حاكم جديد لسلامة، وتهديد مبطن بأنّهم قد يقدمون على خطوة ما مفاجئة ستحدث، في حال حصولها، إرباكاً في الوضعين المالي والسّياسي.
فقد شدد نواب الحاكم على “ضرورة تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان عملاً بالمادة 18 من قانون النقد والتسليف في أقرب وقت، مع اقتراب انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في 31 تموز 2023″، موضحين أنّه “في غياب خطّة شاملة وواضحة لإعادة التوازن المالي والمصرفي، كما وتحقيق توازن في موازنة الدولة، ممّا يسمح للمصرف المركزي بوضع الأسسس النقدية والمالية لإعادة الثقة، لا يجوز أن ينسحب مفهوم تصريف الأعمال إلى السلطة النقدية الأعلى في الدولة”.
هذا الوضع الإستثنائي وغير المعهود على رأس السّلطة النقدية والمالية في البلاد دفع نوّاب الحاكم الإربعة الى التلويح بإنّهم سوف يضطرون في حال عدم تعيين حاكم جديد خلال الأيّام المقبلة إلى “اتخاذ الإجراء الذي نراه مناسباً”، حسب قولهم، وهو إجراء رجّح سليم شاهين، أحد نوّاب الحاكم الأربعة، في أنّهم “قد يستقيلون جميعاً”، في محاولة منهم للضغط على الحكومة ووضعها أمام مسؤولياتها.
بيان نوّاب الحاكم الأربعة جعل سيناريوهات مخارج أزمة مصرف لبنان ترتفع إلى أربعة، من غير ترجيح إحداها على الأخرى حتى الآن، بانتظار الأيّام القليلة المتبقية من ولاية سلامة حتى نهاية الشّهر الجاري، وهي:
أولاً: تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان خلفاً لسلامة، يُنهي نحو 30 عاماً من جلوسه على كرسي الحاكم، وهي المدّة الأطول له بين أقرانه الحكّام السّابقين. ولكن تعيين هذا الحاكم يواجه إنقساماً سياسياً حاداً نظراً لاعتراض البعض على قيام حكومة تصريف الأعمال الحالية بهكذا خطوة، في غياب رئيس للجمهورية، ولأنّ أيّ توافق حول إسم البديل لسلامة غير متوافر حتى الآن.
ثانياً: طرح البعض تمديد ولاية سلامة إلى حين تعيين حاكم جديد، لكنّ هذا الطرح سرعان ما سقط بعدما لاقى إعتراضاً واسعاً، كون سلامة يُحمّله قسمٌ كبيرٌ من اللبنانيين مسؤولية الإنهيار المالي الذي شهده لبنان.
ثالثاً: يعتقد كثيرون أنّ تسلّم النائب الأوّل للحاكم، وهو وسيم منصوري، سيتسلم مهام سلامة بالوكالة إلى حين تعيين حاكم جديد، كما جرى ويجري في مؤسّسات رسمية عدّة مثل الأمن العام مثلاً، الذي عندما انتهت ولاية مديره العام السّابق اللواء عباس ابراهيم إنتقل المركز إلى الضابط الأرفع رتبة بعده وهو اللواء إلياس البيسري.
رابعاً: طرح تهديد نوّاب الحاكم الأربعة بالإستقالة الجماعية سيناريو رابعاً، وهو احتمال في حال حصوله سيعني إنزلاق لبنان، مالياً ونقدياً وإقتصادياً، نحو فوضى قد لن يستطيع الخروج منها.