إذا كنت قد قرأت رواية جورج أورويل الجدلية 1984 فلا شك أنك تعرف المصطلح الشهير «الأخ الأكبر يراقبك»، لقد تخيل أورويل منذ أربعينيات القرن الماضي ما يبدو أنه سيصبح حقيقة واقعة ملموسة في الزمن الحاضر، نحن مراقبون طوال الوقت هواتفنا الذكية، حساباتنا على مواقع التواصل الاجتماعي، حواسبنا كل هذه الأشياء تخترق خصوصيتنا بل تلغيها تماما. خلال الأعوام القليلة السابقة قفز التطور التكنولوجي قفزات واسعة مريبة، لقد أصبح مصطلح الذكاء الاصطناعي الذي كان متداولا في أوساط العلماء ومحبي قصص الخيال العلمي أمرا عاديا وحقيقة من حقائق الحياة، واخترقت التكنولوجيا حياتنا بقسوة وفرضت نفسها بطريقة تجعل قدرتنا على التخلي عنها مستحيلا، واليوم نرى أن الذكاء الاصطناعي أصبح جزءا من الأخبار اليومية التي نسمعها.
لم يكتف الذكاء الاصطناعي باختراق عالم التكنولوجيا والتقنيات الحديثة بل تعداه إلى عالم الفن والسينما، وأصبحنا نسمع أغاني جديدة بأصوات فنانين مختلفين وثنائيات غنائية لم تحصل على الإطلاق، كل هذا بواسطة الذكاء الاصطناعي، بل إن الفنانين الذين رحلوا عن عالمنا منذ عقود لم يسلموا من سطوة الذكاء الاصطناعي.
كما حدث مع كوكب الشرق أم كلثوم أو «الست» التي صعقنا بسماع صوتها في أغنية حديثة وهي التي فارقتنا عام 1975 الأمر الذي أثار جدلا عنيفا حول أحقية هذا الفعل حتى أن ورثة العندليب عبد الحليم حافظ هددوا برفع دعوى قضائية لو فكر أي شخص باستخدام صوته في أي أغنية دون علمهم.
لم يقتصر تأثير الذكاء الاصطناعي على عالم الموسيقى والغناء فحسب، إذ يبدو أن عالم الفن السابع سيقع تحت سطوة التكنولوجيا الجديدة وهو ما فعلته «مارفل» في أحدث مسلسلاتها «Secret invasion»، حيث تم إنشاء افتتاحية العمل بالكامل بواسطة الذكاء الاصطناعي، لماذا فعلت مارفل هذا؟ وهل يعني هذا أن الذكاء الاصطناعي سيحل محل البشر في وقت أقصر مما توقعناه؟ ما هي ردود الفعل تجاه هذه الحركة؟.
سنجيب عن هذه الأسئلة وأكثر في مقالنا هذا لكن ولأننا قسم «أراجيك فن» سنقدم في البداية مراجعة فنية مفصلة للعمل الذي تأمل مارفل أن ينقذها من كبواتها المستمرة.
Secret Invasion
تدور أحداث المسلسل بعد نهاية ثانوس وعودة البشر الذين أفناهم، تبدأ الأحداث في موسكو حين يكتشف الفضائي تالوس أن بني جنسه السكرول يخططون لغزو الأرض، لو لم تكن قد تابعت فيلم Captain Marvel فلن تعرف أن السكرول هم جنس فضائي لجأوا إلى الأرض بعد فناء كوكبهم بوعد من كابتن مارفل ونيك فيوري لإيجاد كوكب ملائم لهم ويبدو أنهم رأوا أن الأرض كوكب ملائم بالفعل ولا داعي للبحث أكثر، إن أكثر ما يثير القلق من جنس السكرول هو قدرتهم على تغيير أشكالهم إلى أي شكل يرغبون به يمكنهم انتحال شخصية الرئيس الأميركي ولن يعرف أي شخص ما حدث أو حتى يشك به.
عندما تكتشف ماريا هيل ما حدث وخطط السكرول، تقرر أن الوقت قد حان كي تستدعي نيك فيوري الذي يقيم خارج الأرض في محطة فضائية للنقاهة، لم يعد فيوري كما عهدناه لقد أصبح عجوزا محطما متعبا، يبدو أن محنة فناء نصف الكون كانت ثقيلة الوطء عليه مع عودته إلى الأرض يلتقي فيوري بتالوس ويعلم أن تالوس قد تم نفيه من مجلس السكرول وأن حليفه السابق غرافيك قد اتخذ موقعا قياديا مع المتمردين، لاحقا يتم اختطاف فيوري من قبل عملاء MI6 ويتم اصطحابه لمقابلة أحد معارفه القدامى سونيا فالسوورث، فيقترح فيوري تحالفا لوقف غرافيك لكن سونيا ترفض هذا الأمر رفضا قاطعا.
نتعرف على عالم المتمردين الذين يريدون إنشاء وطنهم على الأرض ونكتشف أن أحد قادة المتمردين هي غايا ابنة تالوس التي تجهل أن غرافيك قتل والدتها.
يتعين على تالوس وفيوري وهيل محاولة إيقاف غرافيك دون أي مساعدة ومن هنا جاء اسم المسلسل إنه غزو من قلب الأرض مخطط له بطريقة ذكية ستتسبب في قيام حرب عالمية نووية بين روسيا والولايات المتحدة الأميركية مما سيقضي على سكان الأرض ويفسح المجال أمام السكرول لتحويلها إلى كوكبهم، وتستمر أحداث المسلسل بطريقة تصاعدية بطيئة بعض الشيء لكنها تزداد قوة مع تقدم الأحداث ويبدو لنا أن هذا المسلسل مبشر بالخير والنجاح الذي تحتاجه مارفل بشدة في هذه المرحلة.