لم تكن إستراحة عيد الأضحى، الأسبوع الماضي، فرصة لانطلاق المشاورات وإيجاد حلول ومخارج لأزمة الإستحقاق الرئاسي، وغيرها من الأزمات، ذلك أنّ الجمود الذي سبق عطلة العيد من المرجح أن يستمر بعده أمداً ليس بالقصير.
فمنذ جلسة 14 حزيران الفائت، وهي الجلسة الـ12 التي عقدها مجلس النوّاب بهدف إنتخاب رئيس جديد للجمهورية يُنهي الفراغ في قصر بعبدا منذ 8 أشهر ونيّف، ولم تسفر عن أي نتيجة غير الفشل الذي مُنيت به الجلسات السّابقة، وصولاً إلى جولة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان عشية عطلة العيد، بات واضحاً أنّ أيّ مخرج لأزمة الإستحقاق الرئاسي لم ينضج بعد.
فما أفرزته جلسة 14 حزيران كان تأكيداً للإنقسام الحاد بين فريقين الأول داعم لرئيس تيّار المردة سليمان فرنجية، والثاني يؤيّد وزير المالية السّابق جهاد أزعور، واتضاح أنّ أيّ طرف ليس بقدرته إيصال مرشّحه إلى سدّة الرئاسة من دون توافق داخلي ليس متوافراً بعد، وتسوية خارجية ما تزال غائبة حتى الآن.
هذا الإنطباع تأكّد بعد جولة لودريان على المرجعيات السّياسية اللبنانية، وكان خلالها مستمعاً أكثر ممّا كان متحدثاً، وطارحاً أسئلة أكثر ممّا حمل أجوبة معينة على أسئلة من التقاهم، ثم غادر على أمل العودة حاملاً معه أجوبة وأفكاراً وملامح تسويات.
غير أنّ بعض من التقى لودريان لمس أنّ الرجل ليس أكثر من وسيط، وأنّه لا يحمل أي مبادرات ولا صيغ أفكار، ولا تسويات، لأن صانعي التسويات وطابخي الحلول ما يزالون يتعاملون مع الملف اللبناني على أنّه ملف ثانوي وهامشي، نظراً لوجود أكثر من ملف غيره أكثر أهمية من وجهة نظرهم، وبما يتعلق بمصالحهم.
وإذا كان لودريان غادر من غير أن يحدّد موعداُ لعودته، فإنه يُرجّح أنّ من يترقبون عودته سينتظرون طويلاً، ذلك أنّ الأحداث وأعمال الشّغب الأخيرة التي تشهدها فرنسا هذه الأيّام يُنتظر أن تكون الشغل الشاغل للسلطات الفرنسية، وهو ما تمثل في إلغاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون زيارات وجولات خارجية، ما يعني أنّ لودريان لن يعود إلى لبنان قريباً.
وفي ظل غياب أيّ موفد خارجي إلى لبنان لتقريب وجهات النظر بين طرفي النزاع، وعدم نضوج أيّ طبخة تسوية خارجية، يُنتظر أن يكون الجمود الحاضر الأكبر في لبنان في المرحلة المقبلة، من غير أن يعني أنّ لقاءً سياسياً من هنا، أو طرح مبادرة داخلية من هناك، أو توتر أمني متنقل بين المناطق، كسراً للجمود الذي سيُخيّم على السّاحة اللبنانية، وقتاً ليس قصيراً، في المرحلة المقبلة.