بدأت الحلقة الأولى من استرداد حق الدولة اللبنانيّة من أموال حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة. فاليوم، ربحت هيئة القضايا في وزارة العدل الدعوى التي قدمتها في فرنسا، بعد أن أصدرت محكمة الاستئناف الفرنسية قرارها بشأن قانونيّة عملية الحجز على عقارات وأملاك سلامة في أوروبا، وثبت الحجز لصالح الدولة اللبنانية.حق الدولة اللبنانيةرسمياً، بات للدولة اللبنانية حق من أموال سلامة المتوقع أنها مختلسة من المال العام، ليبدأ بعدها مسار استرجاع هذا الحق. وقرار اليوم لم ينحصر على عقارات وأموال الحاكم فقط، بل توسع ليشمل عائلة سلامة، ومساعدة الحاكم ماريان الحويك، وصديقة الحاكم آنا كازاكوفا.
ووفقاً لمصدر قضائي رفيع، فالقضاء الفرنسي أصدر قراراً بتثبيت الحجز على أملاك وعقارات وشركات رياض سلامة ورجا سلامة وماريان الحويك وعائلة سلامة وآنا كازاكوف الموجودة في أوروبا لصالح الدولة اللبنانية. إضافة إلى مجموعة أخرى من الأسماء، وهم شركاء سلامة المشتبه بهم بمساعدته في الجرائم المالية المنسوبة إليه. ما يعني، أن التحقيقات الأوروبية الأخيرة طالت الكثير من الأسماء البارزة والتي سيعلن عنها لاحقاً.
على هذا الأساس، من المفترض أن تتسلم هيئة القضايا في وزارة العدل الملف الكامل لقرار محكمة الاستئناف خلال أسبوعين.مسارات متنوعةعملياً، بدأت الدولة اللبنانية خطوتها الأولى لاسترداد مالها المختلس من أموال الحاكم ورفاقه، وما يجب أن نلفت إليه، إلى أننا بدأنا في المسار الطويل والمتوقع أن يكون معقداً.
في واقع الأمر، وحدها القاضية الفرنسية أود بوروسي المسؤولة عن تحديد مسار الخطوة الثانية من هذه الدعوى. أي بمعنى، انطلاقاً من قرارها سنتمكن من التعرف إلى المسار الثاني.
ووفقاً لمصادر قضائية متابعة، أمام بوروسي اليوم خياران. الأول، هو تحويل قضية الحاكم إلى محكمة الاستئناف الجزائية، وبالتالي يجرى تعيين قاضي تحقيق لمتابعة قضية سلامة وكل مشتبه به، فتحدد جلسة لاستجوابهم. وتمر القضية بمرحلة طويلة، قبل أن يصدر القرار الظني الذي سيعلن رسمياً تورط الحاكم ورفاقة أو براءتهم من الجرائم المالية.
وانطلاقاً من هنا، في حال أعلن قاضي التحقيق عن تورط الحاكم بقضايا اختلاس وتبييض الأموال وغيرها، يحوّل للدولة اللبنانية حقها من أموال سلامة، وهنا أهمية قرار المحكمة الفرنسية اليوم.
أما المسار الثاني، فهو أن تكمل بوروسي ملف تحقيقاتها، وتستمر في جلسات الاستجواب التي تحددها في فرنسا. ما يعني أن بوروسي لم تقفل ملفها بعد، وبحاجة لمزيد من الأدلة والمستندات والبراهين، ولمزيد من الشهود، وبحاجة لاستجواب جميع المشتبه بهم كي تتمكن من تثبيت التهم على الحاكم وكل متورط معه. كيف ستُسترد أموال سلامة؟في المقلب الآخر، لا يزال السجال قائماً حول آلية استرداد هذه الأموال. وحتى الساعة، تتعدد وجهات النظر. فالمصادر القضائية تجزم بأن المسار القانوني الوحيد هو تحويل الأموال إلى خزينة الدولة اللبنانية فقط لأنها صاحبة الدعوى.
من جهة أخرى، شرحت مصادر قضائية أخرى أن الأموال لن تحول لصالح الدولة اللبنانية المتمثلة بالسلطة السياسية الحاكمة، إنما سيجرى الاتفاق على تحويلها لصالح الشعب اللبناني، الذي يعاني جراء الازمة الاقتصادية التي تسبب بها الحاكم، أي أن هذه الأموال ستحدد وجهتها للقيام بمشاريع إنمائية لتيسير أمور المواطنين.
لا تزال المعطيات ضبابية، وما من أحد قادر على تقديم الإجابة الواضحة. وباختصار، أهمية قرار المحكمة الفرنسية اليوم هو أن الدولة اللبنانية صارت طرفاً رسمياً من هذه الدعوى، وتمكنت من تثبيت حقها بالرغم من كل العراقيل السياسية التي حاولت منعها من استرداد حقها من هذه الأموال.