تشيّع بلدة بشري اليوم الشابين هيثم ومالك طوق اللذين قتلا في القرنة السوداء يوم السبت الفائت وسط أجواء حزن وغضب ودعوات الى الاقفال حدادا ومساع للتهدئة لقطع الطريق على الفتنة.
تكثر الروايات حول الحادثة التي ارخت بظلالها السوداء على القرنة وعلى بشري وعلى الوطن ككل الذي لا يخرج من فتنة حتى يقع في فتنة أخرى بفعل الاستخدام السياسي لكل قضية تطل برأسها في أي منطقة كانت.
لا شك في أن الروايات الكثيرة والاتهامات المسبقة من شأنها ان تُفقد المصداقية وتضيّع الحقيقة، خصوصا أن ما سيق بحق ابناء بقاعصفرين في هذا الاطار لا يستند الى معطيات ولا الى أدلة، ورغم ذلك فإن ابناء الضنية ومن يمثلهم على امتداد الوطن سارعوا الى تقديم التعازي ورفض الجريمة والتشديد على ضرورة ضبط النفس، في وقت يؤكد فيه أبناء بشري ان الجريمة غامضة ورغم ذلك يوجهون اصابع الاتهام الى ابناء الضنية ويصرون على وضع ما حصل ضمن اطار الخلاف العقاري الواقع في القرنة السوداء.
فالضحية هيثم طوق قتل خلال تواجده في منطقة القرنة السوداء وفي منطقة تدريب للجيش اللبناني الذي سبق وحذر من الاقتراب منها حفاظا على سلامة المواطنين، ونقل الى المستشفى بواسطة ثلاثة شبان قالوا انهم عثروا عليه جثة هامدة، ثم تم التداول بفرضية تعرضه للقنص من مكان بعيد، قبل ان تدحضها تقارير الطب الشرعي التي اكدت ان الرصاصة اطلقت من على بعد 20 مترا، ما يشير الى إمكانية ان تكون عملية ثأر شخصي أو إشكال معين او خلافات محلية، فعلى أي أساس يتم توجيه الاتهامات الى ابناء بقاعصفرين؟.
كما ان القتيل مالك طوق قتل اثناء اشتباك مجموعة مسلحة مع الجيش الذي عمل على منعها من مغادرة القرنة السوداء، فلماذا يتم ربط قضية هيثم بقضية مالك؟ ولماذا يحاول ابناء بشري الايحاء بأن الشابين قتلا إغتيالا مع الاصرار على اتهام ابناء بقاعصفرين بذلك، ولماذا يقف المعنيون في الضنية موقف الدفاع عن النفس طالما لا توجد أية أدلة على تورط ابناء بقاعصفرين بهذه الحادثة؟ علما أن إشكالات عدة حصلت حول الخلاف العقاري ولم يسبق ان حصلت حوادث مماثلة؟..
الحقيقة الثابتة حتى الآن هي ما اعلنه الجيش في بيانه لجهة التحذير من السير ضمن منطقة التدريب، وبأن الجيش واجه مجموعة مسلحة واشتبك معها بالاسلحة الرشاشة ما ادى الى سقوط قتيل وعدد من الجرحى، فضلا عن توقيفه بعض المشتبه بهم لاجراء التحقيقات اللازمة معهم.
وما دون ذلك كله تكهنات واجتهادات واحكام تحتاج الى اتمام التحقيقات الامنية تحت اشراف القضاء المختص واعلان نتائجها على الملأ، وهي وحدها القادرة على تحديد الجهة المتورطة بقتل هيثم طوق، أما الاستثمار السياسي والشحن الطائفي ومحاولة الاستفادة مما جرى لتحقيق مكاسب عقارية على حساب الشركاء او الجيران، فإن ذلك لن يكون في مصلحة أحد!..