كل الانظار اتجهت أمس الى بشري التي شيّعت الشابين هيثم ومالك طوق، الاول عثر عليه جثة هامدة في القرنة السوداء والثاني قتل اثناء الاشتباك مع الجيش بحسب ما أفاد بيان مديرية التوجيه.
وقد ضربت بشري خلال التشييع مثلا في ضبط النفس، حيث التزم اهلها بعدم الافراط في التعبير عن الغضب بإطلاق النار، فكانت جنازة الشابين هادئة كوداعة تلك المنطقة التي تعاطف معها لبنان من أقصاه الى أقصاه.
لكن التعاطف مع بشري واهلها وذوي القتيلين لا يعني مطلقا غضّ النظر عن الاصرار على توجيه الاتهامات والادانات المسبقة الى أبناء الضنية وخصوصا بقاعصفرين التي شاركت بشري في الحداد وفي الاقفال من باب احترام مشاعر جارتها التي فجعت بمقتل شابين من ابنائها، وليس لكونها متورطة في الحادث عبر عدد من ابنائها كما يوحي البشراويون، خصوصا ان التحقيقات ما تزال جارية على قدم وساق ولم يُصدر القضاء المختص اية نتائج او قرارات ظنية أو إدانات لكي يتحول مأتم الشابين الى مضبطة اتهام لابناء جرد الضنية.
كل شيء في بشري أمس أوحى بأن ما حصل في القرنة السوداء كان من تدبير ابناء الضنية حيث لم تتوان النائبة ستريدا جعجع عن التأكيد بأن الموقوفين البشراويين سيكونوا بين أهاليهم قريبا بعد استكمال التحقيق، وأنها تبلغت بتوقيف عدد من “المشبوهين” مؤكدة “اننا ان نسكت عن هذه الجريمة النكراء”، في حين ان من تم توقيفهم في بشري كانوا في عداد المجموعة التي اشتبكت مع الجيش في منطقة التدريب في القرنة السوداء وكان من بينهم مالك طوق الذي قتل خلال الاشتباك والذي جرى ضمه في الشهادة ضمن موجة الحزن العارمة الى الشاب هيثم طوق الذي عثر عليه جثة هامدة وما تزال ظروف مقتله غامضة خصوصا بعدما دحضت تقارير الطب الشرعي فرضيات عدة تم إعتمادها في توجيه الاتهامات لا سيما فرضية القنص والتأكيد انه قتل برصاصة اطلقت عليه من مسافة 20 مترا على الاكثر، ما يطرح فرضية الثأر او الخلافات الشخصية أو غير ذلك، وهذا ما يفترض بالتحقيق ان يكشفه سريعا.
وبالتالي يكون الموقوفون البشراويون متورطين في مواجهة الجيش بالاسلحة وباطلاق النار عليه ما اضطره الى الرد بالمثل ليسقط مالك طوق ومعه عدد من الجرحى، أما الموقوفون الآخرون فقد تم توقيفهم على الشبهة، ولو ثبت ان احدا منهم حمل السلاح وواجه الجيش لأدخل مباشرة ضمن خانة الارهاب ولنسجت وسائل الاعلام عنهم روايات التطرف والتشدد وصولا للانتماء ربما الى داعش.
وما أثار الاستغراب أكثر هو قيام البطريرك بشارة الراعي الذي ترأس الصلاة لراحة نفس هيثم ومالك طوق برفع السقف بشكل غير مبرر، ففي الوقت الذي بذلت فيه المراجع الاسلامية وعلى رأسها مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان جهودا مضنية لتبريد الاجواء واحتواء الفتنة وفصل الحادثة عن النزاع العقاري المزمن بين بشري والضنية، أصرّ البطريرك الراعي على ربط الحادثة بالنزاع العقاري ولم يوفر القضاء واصفا إياه بالمتخاذل، ومؤكدا اننا “نؤمن بالجيش ونعرف حدودنا ونعرف القاتل”، داعيا الى “ترسيم الحدود بين بشري والضنية وانهاء الفتنة”، مستبقا بذلك التحقيقات وموجها اتهامات مبطنة الى ابناء الضنية، في الوقت الذي لم تصدر فيه اي ادانة او حتى اتهام رسمي من قبل المراجع القضائية بحق أي جهة أو شخص.
هذا الكلام فسره البعض تصعيدا من قبل البطريرك الراعي ارضاء للشارع المسيحي عموما وتعاطفا زائدا مع ابناء بشري خصوصا، في حين كان يفترض برأس الكنيسة ان يلعب دور الاطفائي لوأد نار الفتنة في مهدها وعدم تجيير المواقف العالية السقف لارضاء ابناء بشري في مصابهم الذي عبر ابناء الضنية وسائر المناطق اللبنانية انهم شركاء فيه وان تبريد القلوب وشفاء الصدور لا يكون الا بكشف الحقيقة كاملة وانزال العقوبة المستحقة بمن يثبت تورطه.