تدفن بشري ضحيتيها وسط تصاعد مشاعر الغضب لدى أهلها من غموض غير مفهوم بعد لا بل من تقاعس، في تقديم الصورة الواضحة عما حصل السبت في القرنة السوداء. وما زاد في طين الغضب بلةً هو مبادرة مدير مستشفى بشري إلى تقديم رواية عن نفي القنص، زادت في البلبلة والتشوش ودفعت بالقاضية سمرندا نصار إلى التحرك ووضع يدها على ملف هذه التصريحات.
في هذا الوقت لا يزال عدد من شباب المدينة معتقلاً للتحقيق، أما التصريحات السياسية العامة فمنها من يرفع منسوب التضامن مع حزن المدينة والثمن الغالي الذي دفعته، في حين يكتفي البعض الآخر باستنكاراتٍ عامة، أما المطلوب فواحد: رواية واضحة من الدولة وتسليم القتَلة.
على خط آخر، يحافظ الوسط السياسي على انتظاره جان إيف لودريان وما يمكن أن تتفتّق عنه المبادرة الفرنسية بصيغتها الجديدة، وسط استمرار التحليل المعتاد من النجوم المصنوعين على الشاشات لجهة حوار حول النظام السياسي وطبيعته لا بل الإقتراحات التي سيتمخض عنها.
أما الأهم لا بل الأخطر، فهو ما يتم تحت الكواليس من أموال اللبنانيين وأجيالهم المقبلة وبإشراف الحاكم بأمر المال، إياه...
فتحت شعار "يا رايح كتر القبايح"، يستمر رياض سلامة بارتكاباته وكأن لم يكتف من جرائمه بحق اللبنانيين. وآخر فصوله تسجيل دين إضافي على الدولة اللبنانية والمواطنين بقيمة ٥٨ مليار دولار هي عبارة عن تمويله أنشطة للدولة، وقيدها من خلال حيله المعتادة كسمسار ديناً جديداً بالدولار الفريش.
وفي وقت يتغافل الملتهون بسطحية "امتلاء الكافيهات" والصورة الخَدّاعة للترفيه على وسائل التواصل الإجتماعي، سيدفع أولاد هؤلاء وأحفادهم فاتورة التغافل والمشاركة في الجريمة، خاصة وأن نجيب ميقاتي ركن المنظومة المصرفية - السياسية، حامٍ لسلامة وفظائعه، وبدوره يتّكل هو على حماية الثنائية الشيعية.
على خطٍ عربي آخر، لا تزال جنين تسطِّر فصول المقاومة المشروعة والأسطورية ضد المحتل الذي جنّد اليوم الوحدات المدرعة وسلاح الجو وقوات النخبة لمحاولة إسكات شبابها.
على أن من عجز عن إسكات صوت شعب شُرد من أرضه منذ العام ١٩٤٨، لن ينجح اليوم بعدما ازدادت الفصائل الفلسطينية قوة واستلمت أجيال شابة بريعان الورود البندقية الموجّهة في مكانها الصحيح.