حسان الحسن- مع بدء فصل الصيف، تتضاءل الآمال يومًا بعد يومٍ في إمكان التوصل إلى إتفاقٍ يفضي إلى إنتخاب رئيسٍ للجمهورية، على عكس الأجواء الإيجابية التي عكسها موقف رئيس المجلس النيابي نبيه بري في أيار الفائت، حين شدد على وجوب إنجاز انتخابات رئاسة الجمهورية في منتصف حزيران، كحدٍ أقصى. حينها، ظن بعض المواطنين والساسة معًا، أن المهلة المذكورة أعلاه، قد يكون حددها رئيس البرلمان، بناءً لمعطياتٍ ملموسةٍ لديه، تؤشر إلى إقتراب إنجاز الإستحاق الرئاسي، مع بداية "الصيف"، ولكن خاب ظنهم.
وهنا، يوضح مرجع واسع الإطلاع على مجريات الأوضاع في لبنان، تحديدًا على الإتصالات والمعطيات المتعلقة بالشأن الرئاسي، أن الأمور تشتد تعقيدًا مشيراً إلى أن ما من مؤشراتٍ توحي بإقتراب الحل المرتجى. بالتالي فإن الكرسي الرئاسي في بعبدا سبيقى شاغرًا في المدى المنطور، إن لم نقل خلال الصيف، على حد تعبير المرجع.
يعزو سبب تشاؤمه لعوامل داخليةٍ وخارجيةٍ. ففي الداخل، لاريب أن تمسك الكتل النيابية بمواقفها الداعمة لترشيح الوزيرين السابقين جهاد أزعور وسليمان فرنجية، أو سواهما، أسهم في تعميق التباعد بين هذه الكتل. بالتالي فإن منسوب التفاؤل بإمكان التفاهم على حلٍ مقبولٍ، يفضي إلى إنتخابٍ رئيسٍ عتيدٍ، يتراجع أكثر فأكثر، فلا بشائر أملٍ تلوح في الأفق القريب.
أما لجهة تأثير العوامل الخارجية على الإستحقاق الرئاسي اللبناني، فيوضح المرجع عينه أن فرنسا وحدها من دون سواها تبذل جهودها لإنجاز هذا الإستحقاق، وتحاول التقريب في وجهات النظر بين اللبنانيين. كذلك تجري باريس الإتصالات مع الدول الفاعلة والمؤثرة في المنطقة، كي تسهم في تحقيق الإستحقاق المذكور. غير أن "فرنسا تخبّط لوحدها"، على حد قول المرجع.
وعن الدور الأميركي في الشأن الرئاسي اللبناني، يقول: "إن واشنطن لاتزال "تدير ظهرها" لهذا الإستحقاق حتى الساعة وبالتالي لا تمارس أي ضغوطٍ جديةٍ لإمراره كونه غير مدرجٍ في أعلى سلم أولوياتها في المنطقة، في انتظار التوقيت المناسب الذي يلائم المصالح الأميركية".
وعن الموقف السعودي من الإستحقاق المذكور، يلفت المرجع إلى أن كل المعلومات المتوافرة عن أجواء المملكة حيال الشأن الرئاسي اللبناني تشير إلى أن الأولوية لدى الرياض في المنطقة هي إعادة ترتيب علاقاتها مع دمشق وطهران، ما قد يسهم في إعادة ترتيب الوضع في المنطقة برمته، عندها يمر هذا الإستحقاق بسهولةٍ، برأي السعوديين، كما ينقل المرجع عينه.
وسط هذه الأجواء الدولية و الاقليمية المذكورة آنفًا والإنقسامات الداخلية، وجد بعض الإعلاميين المحيطين بقائد الجيش العماد جوزاف عون، الفرصة سانحةً لإعادة تسويق ترشيحه في وسائل الإعلام، ولدى الرأي العام، كخيارٍ ثالثٍ، ولكن من دون الإرتكاز على دعم أي موازين قوىٍ داخليةٍ كانت أم خارجيةٍ، قد تسهم في إيصاله الى كرسي بعبدا، ما خلا الدعم القطري لعون.
ومعلوم أن تأثير قطر لا يمكن إلا أن يكون مؤثراً إلا إذا حظي بغطاءٍ خليجيٍ وبخاصةٍ من المملكة السعودية. وهنا تلفت مصادر سياسية إلى أن الدور القطري في لبنان، يقتصر على دعم الجيش اللبناني، وتقديم المساعدات لأفراده حفاظًا على تماسكه بتكليفٍ أميركي. يضاف إلى ذلك دور قطر المناط بها من واشنطن في مسألة التنقيب عن الغاز اللبناني، ودائمًا بحسب المصادر. وتوضح أن المكونات الأساسية للمجلس النيابي لا تؤيد ترشيح قائد الجيش، وفي مقدمها التيار الوطني الحر والثنائي الشيعي. وهذا الأمر حسمه رئيس البرلمان نبيه بري عندما جزم أنَّ مرشح "الثنائي" هو سليمان فرنجية وأن "الظروف الحالية لا تسمح بتعديل الدستور، لإنتخاب "الجنرال"، في وجود حكومةٍ مستقيلةٍ دستوريًا". كذلك تعتبر المصادر عينها أن رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع لا يحبّذ ضمنًا وصول عسكريٍ إلى "بعبدا"، وإن أعلن أن "القوات" لا تمانع إنتخاب عون.
وفي هذا السياق يمكن اعتبار أن ما يقوم به هؤلاء الإعلاميين لا يعدو كونه حملة تسويقٍ إعلاميةٍ لمرشحهم ليس إلا.
وفي سياق متصلٍ تكشف مصادر عليمة أن لأول مرةٍ في تاريخ لبنان تصل فيه "بورصة" المرشحين إلى الرئاسة الأولى إلى 25 مرشحاً يتم التداول بأسمائهم في الأروقة المختصة، ما يعتبر رقمًا قياسيًا في تاريخ الجمهورية اللبنانية!