فيما اللبنانيون لا يزالون يمضون عطلة الأضحى وسط ارتفاع صاروخي في أسعار المواد الغذائية من دون حسيبٍ أو رقيب، وفي وقت ينتظر اللبنانيون "هدايا" لودريان الحوارية والرئاسية، تملأُ النقاشَ العام جدالاتٌ عبثية ومزايدات سياسية.
ذلك أن الحديث عن إنشاء لجنة أممية للمفقودين خلال الحرب السورية، واتخاذ لبنان الرسمي موقفاً مشابهاً لموقف الدول العربية، أثار هجومات لدى طيف يمتد من القوات اللبنانية إلى عدد من نواب "التغيير"، انطلاقاً من الإدعاء أن امتناع لبنان عن التصويت على هذا القرار هو "لا إنساني"، واستطراداً هو ضد مصلحة اللبنانيين في معرفة مصير المخطوفين في سوريا. ذلك أن المزايدين يعملون جيداً أن مجرد الحديث عن كلمتي "المخطوفين" و"المفقودين"، من الطبيعي أن يحفّز العواطف الإنسانية المشروعة في الوقت الذي لم تشفَ فيه الذاكرة اللبنانية في شكلٍ كامل من جروح الحرب، وما رافق العلاقات اللبنانية – السورية من صدام في فترة سابقة. لكن ما هو غير مشروع أخلاقياً وسياسياً، المزايدة في الشأن الإنساني سعياً لغايات سياسية رخيصة تحت ستار المزايدة والإثارة، بما لا يحقق لا مصلحة الدولة اللبنانية ولا حتى أهالي مخطوفي الحرب اللبنانية ومفقوديها.
وقد أكد وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بو حبيب أننا "لا نريد لأن نكسر الجرة مع أحد، ولو صوتنا أو لم نصوت لن تتغير النتيجة".
في هذا الوقت، لا تزال تتردد أصداء تحذيرات صندوق النقد الدولي بالأمس، والتي أعادت التذكير بما ارتكبته المنظومة المصرفية – السياسية من خطايا عرقلة مسار إعادة هيكلة المصارف وتحقيق الإصلاح المالي الجدي. فالتساؤلات تعم المجتمع اللبناني القلق على مستقبله، إزاء توحش منظومة التسعينات برفضها الإصلاح. والمقلق أكثر أن هذه المنظومة بأركانها وأبواقها، لا تزال تلوك مصطلحات وعبارات غالبها تقني، مواصلة لنهج خداع اللبنانيين وإيهامهم ألا حلَ سوى بوضع اليد على أملاك الدولة لمصلحة كبار المودعين، أو ربما العبث بالذهب.
دولياً، لا تزال المخاوف من توسع الصدامات في فرنسا على خلفية مقتل أحد الشبان، توتر السياسة الفرنسية الداخلية. ومن الواضح أن هذا الإشكال لم يكن الأول ولن يكون الأخير، في سياق الإشكال الكبير الذي تطرح إدارة فرنسا للتعددية المجتمعية ومسألة الهجرة، وبعدما باتت العلاقة مع أجيال من المهاجرين تمثل قلقاً كبيراً في العلاقة مع الدولة الفرنسية.
وفي موازاة ذلك لا تزال قضية إحراق نسخة من القرآن الكريم في السويد تتفاعل وتزيد من الشرخ بين الغرب والمجتمعات الإسلامية. واليوم دعا رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون، إلى التزام الهدوء بعد مهاجمة سفارة بلاده في العراق احتجاجا على حرق القرآن في ستوكهولم، معتبراً أنه "لا توجد دواع لإهانة الآخرين".