في كل مرة تحاول المنظومة المصرفية – السياسية التهرب مما ارتكبته في حق اللبنانيين، تتلقى صفعة من المؤسسات الدولية التي باتت أرحم بلبنان من هذه المنظومة. تغمضُ عينها عن التدقيق الجنائي وتسعى لعرقلته، لكنه ينغرز بإصرار من الرئيس العماد ميشال عون، وينجح. تسعى للتفلت من الملاحقات القضائية، فيصبح رمزها، الحاكم بأمر المال، ملاحقاً من الإنتربول.
الأهم، أنها تستمر في خداع اللبنانيين بتأجيل الإصلاحات وتوهمهم بأنها الحامية للودائع، فإذا بصندوق النقد الدولي يوجه لها اليوم صفعة جديدة، كاشفاً خدعها الإعلامية البهلوانية. فقد ذكر تقرير له اليوم الخميس نقاطاً متعددة، لكن الجوهري يبقى فيها أن "تأخير إعادة هيكلة القطاع المالي في لبنان كلّفت المودعين 10 مليارات دولار منذ 2020". وهذا التاريخ له رمزيته، نظراً لأنه توفرت فيه فرصة إعادة الهيكلة ولو بشروط قاسية، فأجهضتها منظومة المصارف والمال وكان ما كان وقتها. 10 مليارات دولار، كان بالإمكان توفيرها على جيوب اللبنانيين، ولا من يتعظ أو يشعر، لأن القسم الأكبر من اللبنانيين لا يحاسب على أساس المواطنية وحقوقه في الإصلاح والإدارة المالية، بل على أساس الإنتماء الطائفي أو السياسي الضيق...
وفي التقريع الجديد لصندوق النقد، أن "أزمة لبنان الاقتصادية تفاقمت بسبب الإخفاق في اتخاذ إجراءات سياسية ورفض المضيّ بالإصلاحات"، لافتاً الى أنّ "المصالح الشخصية تحول دون إجراء إصلاحات".
وفي التوقع المرعب للبنانيين الحائرين بين الهجرة والندب أو التصفيق الأعمى، "ارتفاع الدين العام اللبناني إلى 550% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2027 إذا استمر الوضع القائم"، وذلك في حال الإستمرار في عدم تنفيذ "إجراءات الإصلاح" التي بقيت بحسب الصندوق "دون التوقعات" لأنه "لم يتم الالتزام بما نصح" به!
وصحيحٌ أن هذه المنظومة التي افتقدت الحس إلى درجة لا ينفع معها لا ملاحقة ولا توبيخ من صندوق النقد أو المؤسسات الدولية، ولا القرار السعودي بعدم تقديم دعم يذهب إلى مزاريب الهدر والسرقة، لكن تبقى القضية الأساس هو الصراع على استعادة الودائع، وآلية تحقيق ذلك، ما يعني أن المعركة مؤثرة على الأجيال المقبلة وحقهم في أملاكهم العامة وأملاك الدولة، فمتى يعي اللبنانيون جهنمية هذه المنظومة، ويسعون جميعاً لاستعادة حقوقهم؟؟