تشارف المحطة الأولى من المسار الذي أطلقه جان إيف لودريان على الإنتهاء، تمهيداً للدخول في المحطة الثانية التي ستعكسُ حقيقة الرهانات الفرنسية الجديدة، وكيفية ترجمة تنسيقها مع القوى الدولية والإقليمية المعنية بمصالحها في لبنان.
ذلك أنه من المفيد التذكير بأن أي اقتراح عملي جدي فرنسي، لا بد أن يخرج بالتنسيق مع واشنطن وبترتيبات مع القوى الإقليمية الوسيطة.
وفي اليوم الثالث من جولته، وبعدما كان اللقاء أمس مع رئيس "التيار الوطني" الوزير جبران باسيل واضحاً بتمسك قيادة "التيار" بخارطة الإنقاذ والتوافق الداخلي، تلقّى لودريان اقتراحات عملية من بعض النواب "التغييريين" والتي ركزت على الحوار و"بروفايل" الرئيس الإصلاحي، وضرورة المضي قُدماً في استكمال جلسات انتخاب الرئيس. كما كان له لقاء مع رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط برفقة نجله النائب تيمور، على أن يلتقي الوزير السابق زياد بارود، وآخر مع كتلة "تجدد"، في الوقت الذي اتجهت في الأنظار إلى لقائه الذي بدأ في الخامسة مع قائد الجيش.
وفي وقت كان لودريان يستكمل لقاءاته في قصر الصنوبر، كان رئيس الهيئة الشرعية في حزب الله الشيخ محمد يزبك يعيد تأكيد مواقف "الحزب" في الحوار والتفاهم، لكنه الحوار المشروط بعدم رفض سليمان فرنجية، مشيراً إلى اللازمة التي يكررها مسؤولو الحزب لجهة أن المسألة ليست متعلقة برئيس "يحمي المقاومة"، بل "ألا يطعنها في ظهرها".
ومن الواضح أنه في ظل استمرار الإصطفاف الداخلي على حاله من المواقف والتباسات الإختلاف على تصوير نتائج جلسة ١٤ حزيران، فإنَّ المسارَ الرئاسي مرتبط بتحرك خارجي يسمح بفتح نافذة في الجدار. ذلك أن الترتيبات الإقليمية التي يكثر الحديث عنها والجارية أساساً على سياسة "القطعة قطعة"، والمصالحات الثنائية، هي ما ستسهم في النتيجة في وضع المشهد اللبناني ضمن الإطار الإقليمي الجاري تركيبه حالياً، وعلى أنقاض مرحلة عنيفة من الصراع والدمار أطلقها الإستثمار في موجات الإنتفاضات العربية وحولت الأمل بالتغيير السلمي إلى كوابيس حكم المتطرفين وتدمير النسيج المجتمعي المتنوع طائفياً وعرقياً.