في وقت تترقب القوى السياسية اللبنانية المعتادة انتظار الخارج جولة الموفد جان إيف لودريان للبناء على أساسها، في موازاة ترويج بعضها للتفكير التفاؤلي wishful thinking بما يخص نظرتها للرئاسة، تبقى جولته الأولى استكشافية لنوايا هذه القوى ومدى قدرتها على التوصل إلى حلول بديلة لستاتيكو المواجهة الراهن.
ولا تزال بعض جوانب جولة لودريان غامضة. فباستثناء لقاءاته مع رؤساء الكتل النيابية في مقراتهم، لم تتلق بعض الكتل دعوات للقاء لودريان في قصر الصنوبر، وذلك في انتظار استكمال الصورة الكاملة لمخطط لقاءاته.
وفي الوقت الذي تبقى فيه غالبية القوى السياسية منتظرة ما سيحمله الخارج، كان رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل يرسم خارطة طريق شاملة لحل الأزمة اللبنانية، مستندة إلى الميثاق والدستور والشراكة، والأهم إلى فتح نوافذ للخروج من أزمات الشلل والتعطل المستمرة، وخاصة منذ ما بعد ال2005، وتحديداً علبر ثابتتي الدولة المدنية واللامركزية الموسعة. والأهم أن مواقف باسيل أمس في إطلالته التلفزيونية، تميزت كالعادة بالجرأة في رفض ما هو غير مقبول ولو افترضنا اجتماع كل الخارج عليه، والإنفتاح على المساحة الواسعة للمساحة المشتركة مع الجميع في مشاريع الإنقاذ المطلوبة.
وقد قالها باسيل بوضوح لجهة رفض مشروع ترشيح قائد الجيش على اعتبار أن المشروع الإصلاحي بعيد عنه، إضافةً إلى تحديد أسس الخلاف الراهن مع حزب الله، من دون أن يسقط ذلك إيمان التيار الوطني الحر بالحفاظ على عناصر قوة لبنان في مواجهة إسرائيل والإرهاب.
ومن هذا الوضوح في مقاربة التيار الوطني الحر للأزمة وعناصر الحل، يمكن البناء على استشراف المرحلة المقبلة. ذلك أن الرؤية التي يمثلها "التيار" ليست مبنية على التعلق اللبناني التقليدي بالتوصيات الخارجية، بل على الذاتية الإستقلالية في طرح الحلول بناء على مصلحة لبنان، لا على منطق الفرض وإعادة اللبنانيين إلى زمن التسعينات بخطاياه، ولا على الإرتجال في التطلع إلى المستقبل.