دمشق - هدى العبود
برز النجم السوري دريد لحام في كل أعماله الفنية سواء الدرامية أو السينمائية أو المسرحية أو الإخراجية، كاتبا وفنانا، ناقدا لأفلامه ومسلسلاته، ينتقد ما هو خطأ في المجتمع العربي، ويبصر المشاهد بمآسي الإنسان البسيط، حيث كان يلقب بـ «غوار الطوشي»، جمع في سياق أعماله الفنية المتنورة حديثه عن المصائب الشخصية للمواطن والمآسي التي يشعر بها العربي في كل بقعة من أرجاء المعمورة، وعندما يقال عن شخص ما إنه يقوم بعمل إنساني إذن هو قادر على القيام بأعمال تعود بالخير على البشرية، وقادر على التجاوب مع سلوك الإنسان الطبيعي بعدة طرق، فمنهم من يرى أنها تشمل جميع المخلوقات البشرية، ومنهم من ينظر إليها على أنها تحمل معاني «الإحسان والإيثار»، وهذا ما جسده الفنان الكبير دريد لحام من خلال مسيرته الفنية الطويلة الهادفة لبناء مجتمع عربي خال من الظلم، وأخيرا شاهدنا ذلك من خلال أعماله الفنية على مدار عقود، وآخرها كان فيلم «الحكيم»، وفيلم «يومين» الذي ننتظر تحديد موعد عرضه.
«الأنباء» التقت الفنان الكبير دريد لحام وكان لنا معه حديث حول آخر أعماله الفنية فقال: أنا أنتظر عرض فيلم «يومين»، من إخراج الكبير باسل الخطيب، انتهينا من تصويره ونحن بانتظار تحديد موعد العرض، وأجسد فيه دور رجل احتضن طفلين شقيقين هربا من ظلم والدهما الذي يقوم بتعنيفهما مع والدتهما، نظرا لتعاطيه المشروبات الكحولية فهربا بحثا عن الأمن والأمان والدفء وأصبحا ينادياني «جدو»، ولن أزيد أكثر، ومدة الفيلم ساعتين إلا ربع، فهو من الأفلام الروائية التي تغوص بأعماق المجتمعات العالمية وليست العربية فقط، فهناك آباء يعنفون أبناءهم وزوجاتهم وكل من يحيط بهم، وأستطيع توصيفهم بأنهم يحملون بجيناتهم نزعة عدوانية.
وعن تكريمه في مهرجان «الزمن الجميل» بلبنان، قال لحام: كرم د.هراتش من خلال «الزمن الجميل» كوكبة من الشخصيات الفنية والإعلامية في كل من لبنان وسورية والكويت ومصر في حفل فني مميز أقيم في كازينو لبنان بحضور وزير السياحة في حكومة تصريف الأعمال وليد نصار، وشخصيات رسمية، وفنية، وإعلامية، وكنت من المكرمين، ومن خلال «الأنباء» أقول ان أجمل وأحلى هبات الله سبحانه وتعالى هي القدرة على ملامسة قلوب الآخرين، وأتوجه للدكتور هراتش، معلنا انه فعلا لامس قلبي بعمق أكثر من مرة، وأقول له «إذا كنت تعتبرنا الزمن الجميل فأنت الزمن الأجمل بوفائك ومحبتك»، وأقص لكم حادثة جرت معي في عام 1970 كنت في الإسكندرية، وشاءت الأقدار ان أعود بالسفينة إلى بيروت بحرا، وعندما وصلت إلى البور كانت محفظتي ثقيلة فحملها لي أحد العاملين، وعندما هممنا بالوصول الى الجمارك قال لي «أبو الغور، صحيح كنت أستاذ جامعة تدرس الطلاب الفيزياء والكيمياء قبل ان تكون ممثلا»، فقلت له «صحيح»، فقال: «لو بقيت أستاذا جامعيا مو أحسنلك من هل البهدلة»، واليوم من خلال هذا المهرجان الغالي على قلوبنا واسمه الكبير أعلن «لو أنني أعرف ان هذه البهدلة ستصلني لهذه اللحظة لاستعجلت عمري»، شكرا للبنان الذي أعطاني أول خفقة قلب من أم لبنانية من مشغرة البقاع الغربي، وبالأذن من الرائع ايلي شويري اختم بأغنية غالية على قلوبنا جميعا «بكتب اسمك يا بلادي على الشمس لي ما بتغيب».
وتابع: بالإضافة إلى تكريمي كنت سعيدا جدا بتكريم الفنانة هدى حسين والفنانة شهيرة زوجة الفنان المصري الراحل محمود ياسين والمطربة عفاف راضي، ميمي جمال، سحر فوزي، أحمد بدير، جناح فاخوري، الراقصة أماني، حسن مصطفى، صلاح الشرنوبي، محمد الصاوي، رندة كعدي، فؤاد شرف الدين، سمارة نهرا، عماد رشاد، بابو لحود، مادونا، الإعلاميتين مي متى وجاندارك أبوزيد، نور الملاح، وإحسان صادق، كما كرم المهرجان أسماء فنية رحلت أخيرا كالفنان محمد جمال.
وقد سلمت الجوائز من خلال حفل فني راق استعاد فيها الحضور أجمل لحظات الزمن الجميل ضمن لوحات راقصة ساحرة، وخطف دريد لحام الأنظار أثناء تسلمه الجائزة تقديرا لأعماله الفنية على وقع أغنيته الشهيرة «فطوم فطوم فطومي» ضمن لوحة فنية، وتفاعل الجمهور مع أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي قدمها الفنان الراحل إيلي شويري في مسرحيته «كاسك يا وطن».
وعن فيلم «الحكيم» الذي افتتح مؤخرا في دار الأوبرا بالعاصمة السورية دمشق قال لحام: طالما أحببت الأعمال الإنسانية من خلال مسيرتي الفنية الطويلة، واليوم أعمل جاهدا أن أقدم هذا النتاج الذي ينير الطريق أمام من أوكلت لهم تلك المهام الإنسانية المجتمعية، وفعلا المخرج باسل الخطيب وكاتب «الحكيم» أدخلوا مسارب كثيرة من خلال الفيلم، الهدف منها الوقوف على مآسي وقصص الناس ببيوتهم، وبما أنني طبيبا أقوم بزيارة المرضى في بيوتهم بتلك القرية النائية المنسية البعيدة عن الحضارة، كنت العارف والمنقذ لمشاكلهم، عملت على حلها مصطحبا معي حفيدتي ياسمين (الفنانة الشابة ليا مباردي) التي كانت تساعدني مثلا بولادة مستعصية لسيدة استطعنا إنقاذها مع طفلها، ولم يتوقف الأمر على معالجة جميع الأمراض لأهالي القرية المنسية فقد قمت بإنقاذ حياة بقرة تعثرت ولادتها، وبذلك أكون، منقذا لحياة عائلة كاملة من الفقر وذل السؤال لو فقدوا تلك البقرة لأنها مصدر رزقهم، كل هذا حدث بالتوازي مع الحياة الخفية لشخصية «الحكيم» التي نطل عليها من خلال طيف ابنته شمس (روبين عيسى)، لنكتشف أن «شمس» هي الأخرى قضت مع زوجها في أحد التفجيرات، تاركة خلفها ابنتها طالبة الفنون الجميلة، والحفيدة التي يرى جدها «الحكيم» فيها أملا للمستقبل يرسم له ويتمناه لأبناء وطنه، غد يشبهها بألوانها المزركشة الجميلة التي أبدعت برسمها من خلال حياة فتاة جميلة تعيش بأجواء ريفية أخاذة.
وختم دريد لحام حديثه لـ «الأنباء» أتمنى ان يكون الفن رائدا في تطوير المجتمعات العربية، والفيلم مليء بمعاناة المجتمعات التي تعاني من الحروب وويلاتها ومخلفاتها.