تأكد دائما وأبدا أنه ليس عليك أن تقرأ ما يقرأون وتدرس ما يدرسون وتتصرف كما يتصرفون، وتفعل ما يفعلون، وتنجز ما ينجزون، وتلبس مثلما يلبسون، وتقتني ما يقتنون، كن انت لا هم، ولا تعيش وقتهم وليس وقتك، كن في المكان، المحيط، البيئة التي تجد فيها نفسك، ذاتك، شغفك، كيانك، افعل وانجز ما تراه انت يشبهك، يمثل شخصيتك، قريبا من معايير مبادئك، حاول جاهدا وضع كل أمر أو حدث في مكانه الصحيح، واسعَ لأن يكون لديك قاعدة أو منطلق ترسم حقيقة الحياة ومنطقها داخل مجتمعك الذي تعيش فيه.

الحياة ليست أن تدخل منافسة أو تكون نسخة من أحد، الحياة أن تصنع نجاحاتك بنفسك، وبشخصيتك الحقيقية، تحقق أهدافك وتترك أثرك، فكيف يمكنك أن تكون أي شخص غير نفسك؟!

إذا كنت تخشى من أن تكون ذاتك، فمن المحتمل أنك ترهب فكرة أن تعتني بنفسك أو أن تمسك بزمام أمورك، فتحاول أن تكون - وكأنك مجبر - نسخة من غيرك مثلا!

وإذا كان هناك من يريد مصادقتك - صحبتك - فلا بأس، ولكن لتجعل الغرض من اختيار طريقك في الحياة هو أن تحافظ على صحبة أفضل من يمكن صحبته (وهو نفسك)، وألا تعتمد على تقليدك للآخرين في كل شيء، تقبل استقلالك وكذلك إحساس العزلة الملازم لك بأن تكون على استعداد لأن تسلك طريقك بمفردك، ليس كنوع من التحدي بل كاختيار.

إذا كنت تخشى أن تكون ذاتك، فمن المحتمل أنك تخشى إثارة غضبك، إنك تشعر بضرورة أن تضمر غضبك بداخلك، أو تخشى حرمانك من مزايا شيء ما إن عبرت عن ذاتك، لذلك فأنت تكظم غيظك، وبعد فترة يتمركز في أعماقك، حينئذ سوف تكره نفسك لإحساسك بالضعف، والدونية، وبأنك لست ذاتك.

فهي دائرة مفرغة ولم تكن لتقع في شركها أبدا إذا كنت على سجيتك وطبيعتك، تيقن بأن كلنا معرض للخطأ، لكنك لديك الحرية كي تصحح أخطاءك.

قد تجرح الآخرين، لكنك قادر على أن تعتذر لهم وتتعامل مع غضبهم، قد يجرحك الآخرون، لكنك تشعر بدرجة من القوة الداخلية كفيلة بأن تجعلك قادرا على الحب مرة أخرى، فأنقذ نفسك وافعل ما تراه في صالحك.

عبر عن ذاتك واعثر على حياتك وعشها بطريقتك، فكم وقع من التخبط بين المبادئ والأشخاص، وكم زاد «داء تجسيد المبادئ في الأشخاص»، وكم كثر أصحاب التصنع والمقلدين لغيرهم، وأصحاب المنافع والألوان الذين هم في كل واد يلهون ويلعبون، ولا شيء في الوجود غير أنفسهم فقط، وينتهزون أي فكرة ليستغلوها لصالحهم، فيتركوا مبادئهم هذا إن صح التعبير عنها بمبادئ، بلا قيود نحو تحقيق مبتغياتهم بكل الطرق المتاحة، ولا يتمتعون بالحد الأدنى بالصبغة الميكافيلية (الغاية تبرر الوسيلة) مهما كان نوعها ما دام أنها ستؤدي إلى الغاية.

فالاعتداد بالذات هو الشعور باحترام تجاه النفس وتجاه قدراتها، واحترام الذات أو الاعتزاز بالنفس هو إحساس الفرد بقيمته وما هي الدرجة التي يحب بها نفسه، وكون الشخص معتدا بذاته يعني احترامه لها، أما البعد عن تقدير النفس والإحساس بها فيعني الشك والشعور بالنقص فيها وتوجيه النقد لها وعدم النظر لها بأي إيجابية، وافتقادك منذ الصغر للخبرات التي تدعم ثقتك بذاتك، وعدم تلقيك الدعم الكافي من المحيطين بك، مع وجود حالة من القلق الاجتماعي.

ورغم ذلك كله فإنه لا ينبغي أن نترك هذه المشاعر ملازمة لنا طوال حياتنا، فتحسين اعتزازك بنفسك يزيد من ثقتك بنفسك وهو يعد أولى الخطوات باتجاه الشعور بالسعادة والحياة الأفضل.