دمشق - هدى العبود

صدق المثل الشعبي «فرخ البط عوام»، هذا المثل ينطبق على العديد من المهن في مناحي الحياة الفنية والاجتماعية والاقتصادية في بلاد الشام، أقول ذلك لأننا ببلاد الشام وفي المدن الكبرى تحديدا، ابن التاجر تاجر وابن الفنان فنان هكذا درجت العادة «الإرث أبا عن جد».

اليوم نحن أمام ظاهرة فنية جديرة بالتوقف عندها، انه الفنان سليمان رزق ابن المخرج الكبير يوسف رزق والفنانة القديرة أمانة والي، فنان ابهر المشاهدين منذ ان كان في سن الخامسة بأدوار مركبة ببداياته منها مسلسل «قتل الربيع» عام 2004 شخصية كان من الصعب تأديتها أحيانا من قبل فنانين تخرجوا من المعهد العالي للفنون المسرحية.

«الأنباء» التقت الفنان سليمان رزق وتحدثنا معه عن آخر أعماله الفنية، خاصة مسلسل «زقاق الجن» والذي عندما شاهدناه بدور من خلال أداء مميز حجز مكانا له مع النجوم الكبار في المسلسل، عندما أسند له المخرج تامر إسحاق شخصية مميزة لن تمحى بسهولة انه «مجدي الشخاخ» المضطهد من قبل زوجته وجده المتسلط ومحيطه تاركا للمشاهد حرية التعبير والنظرة له على انه «الشخاخ» لكن والحق يقال حقق نجومية خلال مسيرة فنية قصيرة بالنسبة لعمرة وكان نجما بكل أعماله.

وقال الفنان سليمان رزق من خلال «الأنباء»: أعلن أنني لا أهتم بالألقاب على الإطلاق، عندما قدم لي نص «زقاق الجن» اطلعت عليه بتمعن، فأدركت ان هذا الدور المركب سيحقق لي كفنان نقلة نوعية برصيدي الفني، اشتغلت على الشخصية كثيرا لدرجة استطيع أن أصفها بأنها تصل لحد الكمال، فـ «مجدي» يعيش في بيئة يسودها التجبر والظلم بدءا من بقاء الطفل في القبو مع الفئران والجرذان والخوف يعصف بكامل مكنوناتي النفسية العصبية متذكرا حكايات الجدات والعمات عما يحدث بتلك الأمكنة من تواجد الفئران والجرذان والجن، كل هذا من أجل تربية صالحة حسب معتقداتهم في تلك الفترة الزمنية الموغلة بالقدم، كي لا يخطئ بحياته ويتربى على قوانين المجتمع سواء أكانت صحيحة أم لا، المطلوب كلمة حاضر وعلى راسي للجد قبل الاب والأم مرورا بالمحيط المجتمعي، ما أسلفته من منظورهم التربوي يحتاج الى تربية قاسية، هذه التربية كانت غير ناجعة في كثير من الأحيان، والدليل ما جرى مع الطفل «مجدي» لينتهي بزواج تبتعد عنه زوجته ويصبح مجال سخرية من الجميع.

وأضاف رزق: للعلم تم الاتفاق مع شركة إنتاج المسلسل لتصبح شخصيتي يسودها شيء من الكوميديا والفكاهة من أجل إمتاع المشاهدين، وهناك سؤال في غاية الأهمية وجه لي «ترى ألا تخاف كفنان ان يطلق عليك لقب الشخاخ بعد هذا الأداء المتقن والرائع الذي لا يمحى من ذاكرة المشاهد؟»، لكنني لا أهتم في حال أطلق الناس على سليمان رزق هذا اللقب، لأنه دليل على أنني كنت محور تفكيرهم، وسأبقى في الذاكرة، شخصية «مجدي» باتت محببة لي كفنان ولا أكترث او أهتم لكلام المشاهدين في حال لم يتعمقوا في فهم البعد الإنساني لما قدمته كانسان عانى بطفولته وشبابه من قسوة وظلم وقهر من قبل جده ومحيطه قبل المجتمع المنغلق الذي يعيش فيه، خاصة ان هناك مئات من الأسر بل آلاف يعانون مما قدمته خلف الأبواب المغلقة، وما قدمته رسالة إنسانية للأسر التي لديها هكذا حالة، وعليهم أن يدركوا تأثير العنف بالتربية والتفريق بين الاخوة والتجبر من المتنفذين بالأسرة على أطفالهم، وان الدور الذي أديته توعوي للأهل لدعم أبنائهم مهما كانت أوضاعهم وعليهم مساندتهم.

وأكمل: «مجدي» لم يكن يعاني فقط من شخصية منهكة في بنائها السيكولوجي، هذه الشخصية أبحرت بنا جميعا بإرهاصاتها جعلتنا ننظر إليه بعين العطف والشفقة، بل استطاع بذكائه في الأداء ان يسيطر على مسيرة الحبكة الدرامية ويمسك بمفاتيح الشخصية بنجاح علما أنه كان يعاني من حالة مرضية كانت ببداياتها وهو «التوحد المكتسب لا التوحد الوراثي» ومع الأسف عندما كان يحاول «مجدي» التمرد كباقي أفراد العائلة تبوء محاولته بالفشل وتصبح أكثر شخصية ضحية في المنزل.

وختم الفنان سليمان رزقه حديثه لـ«الأنباء»، قائلا: «الله يستر» من لقبي القادم عندما سيتابعون «مال القبان» بعد رمضان، لأنني سأقدم شخصية مركبة ومعقدة تمر بعدة مراحل مختلفة.

يذكر ان مسلسل «زقاق الجن» من بطولة: أيمن زيدان، صفاء سلطان، شكران مرتجى، أمانة والي، إمارات رزق، سليمان رزق، عبدالمنعم عمايري سعد مينة وآخرون، ومن تأليف الكاتب محمد العاص، إخراج تامر إسحاق، ومن أبرز أعمال الفنان سليمان رزق مسلسلات «قتل الربيع» عام 2004، «حاجز الصمت» في 2005، «الخط الأحمر» سنة 2008، «أسياد المال» عام 2006، «ساعة الصفر»، سنة 2010، «زمن العار» بدور الطفل «سامر» سنة 2009، «رسائل الحب والحرب» عام 2007، «قلوب صغيرة» سنة 2009، «سفر الحجارة» في 2009، «الحصرم الشامي» عام 2007، «الوزير وسعادة حرمه» سنة 2006، «قمر شام» في 2013، «مسافة أمان»، سنة 2020، «ببساطة» الجزء الثاني عام 2020، «شارع شيكاغو» ايضا في 2020، قدم في عام 2021 «الكندوش» و«على صفيح ساخن» و«لأنها بلادي»، وفي العام الحالي «زقاق الجن» و«مال القبان».