فضيحة إضافة سبعة ملايين دولار على كلفة الامتحانات الرسمية للعام السابق، التي كشفتها "المدن"، ألقت بظلالها على الوزارة، وسط امتعاض كبير من وزير التربية عباس الحلبي، الذي طالب بإجراء تحقيق لمعرفة حقيقة ما حصل.في التفاصيل، وبعدما كشف "المدن" عن عزم النائبة حليمة القعقور مساءلة وزارة التربية رسمياً حول التقرير المالي المنشور، عقب إجرائها مقارنة بين الأرقام الواردة في تقارير البنك الدولي وتلك التي نشرتها الوزارة في الرابع من نيسان، تبين أن الوزارة ذكرت في التقرير المالي أنها أنفقت 8.9 مليون دولار لتمويل حوافز الأساتذة للمشاركة في الامتحانات الرسمية، إضافة إلى 812 ألف دولار للتجهيزات للامتحانات. علماً أن دائرة الامتحانات، المعنية بشكل مباشر عن كل تفاصيل الامتحانات، رفعت تقريرها حول كلفة امتحانات العام 2022 بكلفة مليوني دولار.الوزير وقع على الحساباتلكن مشكلة الوزير أنه وقّع على البيانات الحسابية التي نشرتها وزارته. وكان يفترض التحقق من البنود قبل نشرها والاستفسار عن سبعة ملايين دولار أضيفت ككلفة حوافز الأساتذة للمشاركة في الامتحانات. هذا فضلاً عن 812 ألف دولار للتجهيزات، رغم أن الكلفة التي رفعتها دائرة الامتحانات تتضمن كلفة التجهيزات. ليس هذا فحسب، بل أن المليوني دولار التي ذكرتها دائرة الامتحانات تتضمن 750 ألف دولار هبة من منظمة اليونيسف لتسهيل إجراء الامتحانات. وبمعنى أوضح، لم يكن تمويل الامتحانات كله من مشروع S2R2 الممول من البنك الدولي، فيما الرقم الذي عرضته الوزارة في التقرير (8.9 مليون دولار) يعود لمشروع S2R2. وبالتالي، الأسئلة التي تطرح في أروقة الوزارة: من أين أتت هذه الكلفة على مشروع S2R2 فيما يفترض أن يكون المبلغ المخصص من المشروع للامتحانات مقتصراً على نحو مليون و250 ألف دولار، طالما اليونيسف موّلت الامتحانات بنحو 750 ألف دولار؟ هل أنفقت الوزارة كل هذه الملايين على الامتحانات؟ وكيف، طالما أن التقرير المالي لدائرة الامتحانات فصل كلفة الامتحانات التي كانت نحو مليوني دولار؟ هل صرفت الوزارة هذه الأموال على أمور أخرى في الوزارة وتمت إضافتها من طريق الخطأ على بند الامتحانات؟ في هذه الحالة الفضيحة أكبر: ففي حال صرفت الوزارة هذه الأموال كحوافز للأساتذة لعدم لجوئهم إلى الانقطاع عن التعليم، وليس كحوافز للامتحانات، كان يفترض أن يتم لحظها في بند حوافز الأساتذة. وبالتالي، تقع الوزارة في مشكلة مع الدول المانحة وعلى رأسها البنك الدولي، الممول للمشروع، لأن أي تقرير مالي يصدر عن الوزارة يفترض أن يكون مفصلاً.دعم إجتماعي ضائعإلى كلفة الامتحانات، جاء في التقرير المالي للوزارة في البند الثاني المخصص للحوافز التي دفعتها الوزارة للأساتذة، لضمان استمرار العام الدراسي السابق، إنفاق وزارة التربية 10 ملايين و544 ألف دولار للدعم الاجتماعي للأساتذة، إضافة إلى 32 مليوناً و578 ألف دولار للحوافز. في العام المنصرم، خصصت الوزارة حوافز بقيمة تسعين دولاراً شهرياً لكل أستاذ لعدم لجوء الأساتذة إلى الإضراب. فأسوة بالعام الحالي، رفض الأساتذة الذهاب إلى المدارس بسبب تراجع قيمة رواتبهم، ولجأت الوزارة إلى خصهم بهذه الحوافز الدولارية. لكن غير هذه الحوافز، التي لم تصل إلى الجميع بكل الأحوال، لم يتلق الأساتذة أي بدلات كدعم اجتماعي. والسؤال المطروح في الوزارة: من أين أتى هذا البند المخصص للمساعدات الاجتماعية بقيمة تتجاوز العشرة ملايين دولار؟ وهل هي من ضمن الحوافز؟ وإذا كانت كذلك لماذا لم تضف إلى بند الحوافز؟ وهل يقبل البنك الدولي عدم الوضوح في كيفية توزيع أبواب الإنفاق، هذا قبل السؤال عن إذا كان هناك شبهات فساد من عدمها؟شكاوى ضد وزارة التربيةوبعيداً من هذه البيانات التي تتطلب توضيحات، أعلنت وزارة التربية مواعيد الامتحانات الرسمية. لكن ما زال التعليم في المرحلة الثانوية متعثراً. كانت توقعات بعض المسؤولين في الوزارة بأن الأسبوع الحالي سيكون حاسماً لناحية عودة الأساتذة، بعد الضغوط التي مورست، كما أكدت مصادر مطلعة بالوزارة. ورغم أن عدد الممتنعين عن التعليم تقلص إلى نحو 800 أستاذ في كل لبنان، إلا أن أهالي الطلاب لم يستعيدوا الثقة بتعلم أبنائهم بعد. فحضور الطلاب ما زال مقتصراً على ربع عددهم الفعلي في أفضل الأحوال، كما تؤكد المصادر. وذلك نظراً لارتفاع كلفة النقل، ولعدم حضور الأساتذة سابقاً. بالتالي، التعويل هو في عودة الانتظام يوم الثلاثاء المقبل، أي بعد عطلة عيد العمال. فلا يكفي إرغام الأساتذة، في حال رضخوا جمعياً في نهاية المطاف، بل بعودة الثقة إلى أهالي الطلاب.
وتسأل المصادر: هل خمسة أسابيع كافية لغالبية طلاب شهادة الثانوي للاستعداد كما يجب للامتحانات؟ سبق وتعلم الطلاب (باستثناء 22 ثانوية ما زالت مقفلة منذ بداية العام الدراسي) في الفصل الأول نحو ستة أسابيع، وكان مقرراً أن يتعلم الطلاب سبعة أسابيع في هذا الفصل (حسب تقليص المناهج)، أي ما مجموعه 13 أسبوعاً. قياساً بالأسابيع المقررة بعد تقليص المناهج يستطيع الطالب تجاوز الامتحانات بنجاح، لكن ماذا تفعل الوزارة بنحو 600 طالب لم يتعلموا أي شيء منذ بداية العام الدراسي؟ وهل يكفي قياس العملية التربوية بعدد الأسابيع؟ تسأل المصادر.في السياق عينه للأزمة الحالية التي يعاني منها القطاع التربوي، حول إجراء الامتحانات الرسمية، يستعد الأستاذة في لجنة الانتفاضة، بالتعاون مع أهالي الطلاب، لتقديم شكوى لدى مجلس شورى الدولة ضد وزارة التربية حول الامتحانات. فبرأيهم الامتحانات الرسمية الحالية تأتي في ظل خرق مبدأ الحق في التعليم وعلى حساب طلاب المدارس الرسمية. فوزارة التربية خفضت المناهج بما يتناسب مع طلاب تعلموا لنحو شهرين، لكن هناك آلاف الطلاب بين المتوسط والثانوي لم يتعلموا طوال العام الدراسي.