لارا الهاشم -

بضربة "معلّم" فيها الكثير من الإستخفاف نَفدَ رجا سلامه من أول جلسةٍ تحقيقٍ أمام الوفد القضائي الأوروبي. الرّجل المدّعى عليه من قبل النائبة العامة الإستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون والمحامي العام الاستئنافي رجا حاموش والمشتبه به أمام القضاء الأوروبي، لم يجد صعوبة في التهرّب من الجلسة متذرّعاً بآلام حادّة في الأمعاء لكن بتقريرٍ صادرٍ عن طبيبة قلبٍ في مستشفى أوتيل ديو.

هكذا إذا تَرك سلامة الوفد الأوروبي في حيرةِ إعادةِ برمجة برنامجِه الذي ينتهي في 5 أيار المقبل. إذ كان من المفترض أن يستمِع القضاة الأوروبيون إلى شقيق الحاكم على مدى يومين وبعدَه إلى مساعدته ماريان حويك كمشتبه بها، يوم الخميس، ويوم الجمعة إلى وزير المال السابق يوسف خليل الذي كان يشغل مركز مدير العمليات المالية بصفة شاهد.

أما مطلَعَ الأسبوع المقبل فسبق أن حُدّدت جلسات للإستماع إلى شهودٍ هم المدقِّقَين وليد نقفور الذي سبق أن تقدّم بمعذرة للوفد في أول زيارة له إلى لبنان وندى مخلوف، إضافة إلى مدير التنظيم والتطوير في مصرف لبنان رجا بو عسلة. على أن تختتم الجولة الأوروبية بالاستماع إلى الموظفة في بنك الموارد مادلين شاهين يوم الجمعة 5 أيار.

لكنَّ ما بين المواعيد المتلاحقة ترَك القضاة الأوروبيون الباب مفتوحاً أمام رجا سلامة للحضور متى شعر بتحسّن وإلاّ فانّ عدم مثوله قد يعرّضه إلى إجراءات في أوروبا كإصدار مذكرة توقيف أوروبيّة أو منع سفر أوروبي وفقاً لما أبلغته القاضية أود بوروسي إلى محاميه جاك شكرالله بحسب معلومات tayyar.org. علماً أن هذا النوع من الإجراءات يطبّق في كلِّ دول منطقة الشينغين بمجرّد صدوره عن إحدى الدول الأعضاء. مع الإشارة إلى أن رجا سلامة يشكّل عنصراً أساسيّاً في التحقيقات الأوروبيّة حول شركة "فوري" التي يشتبه في استخدامها كواجهة لتبييض الأموال من قبل الحاكم وشقيقه لجمع ثروات غير مشروعة.

وفيما كان قضاة من فرنسا وألمانيا ومحقّقون من اللوكسمبورغ جالسون في إحدى قاعات مجلس شورى الدّولة حيث كان من المفترض أن تنعقد جلسة التحقيق، إنضمّ إليهم كلٌّ من مدعي عام التمييز غسان عويدات والقاضي رجا حاموش في حضور قاضي التحقيق شربل أبو سمرا وممثلَين عن هيئة القضايا هما القاضيان جاد الهاشم وإيلفين أبو ديوان.

الإجتماع وصف بالتنسيقي، حيث طلب الوفد الأوروبي الإذن باستثمار مستندات من الملف اللبناني كان سبق أن اطّلع عليها في زيارته الأولى إلى لبنان لكنَّ استخدامها يستوجب الإستحصال على إذنٍ بحسب المعاهدة الدولية لمكافحة الفساد. قاضي التحقيق وافق على الطلب وفي المقابل طلب حاموش شفهيّاً الإطلاع على ملف التحقيقات الفرنسي في إطار المساعدة القضائية ولاسيما تلك المتعلقّة برئيس مجلس إدارة بنك الموارد مروان خير الدين.

في هذا الإطار لفتت مصادر قضائية إلى أنَّ الفرنسيّين أطلَعوا القضاء اللبناني على التدابير التي اتخذوها بحق خير الدين ومنها عدم التواصل مع أي من المطلوب الإستماع إليهم بدءاً بحاكم مصرف لبنان وعدم التوجه إلى مصرف لبنان. لكنّ ملاحقته في حال خرق هذه الإجراءات داخل الأراضي اللبنانية تبقى رهنَ قرار قاضي التحقيق بحسب مصادر قضائية.

في هذا السياق علم Tayyar.org أنه وخلال الإجتماع التنسيقي طرح أحد القضاة اللبنانيين سؤالاً على الأوروبيّين عمّا إذا ما كان هناك موجبٌ قانوني على القضاء اللبناني بملاحقة المتّخذ بحقّهم إجراءاتٍ في فرنسا تبعاً لاتفاقية مكافحة الفساد (المقصود هنا مروان خير الدّين)؟ وهل إنَّ عدم قيام الدولة اللبنانية بالمثل يرتّب عليها عواقب؟ هنا تقول مصادر متابعة أنّ أبو سمرا اعترض على طرح السؤال على اعتبار أن أسئلة الجلسة محدّدة-الأمر الذي أصاب القاضية بوروسي بالدّهشة. في حين تلفت المصادر إلى أن الجلسة كانت في هذه الأثناء قد تحوّلت إلى اجتماع تنسيقي بعد اعتذار سلامة.

في المحصّلة يختزن ملف الأخوين سلامة الكثير من الأسرار ومعها الفزلكات القانونيّة. وما بين الإدانة الأوروبيّة والمماطلة اللبنانية المتوقّعتين، تتجه الأنظار نحو خطوة رجا سلامة المقبلة. فهل يستفيد من حماية القانون اللبناني لمواطنيه ويتغيّب عن جلسات التحقيق الأوروبي حتى لا يقدّم معطيات إضافية يستفيد منها القضاء الفرنسي في ملاحقة الحاكم في جلسة 16 أيار المقبل؟ أم أنه سيحضر على اعتبار أنّ أي إجراءٍ يتّخذه القضاء الأوروبي لا مفاعيل له في لبنان؟