يبدأ أساتذة التعليم الثانوي مرحلة جديدة من الصراع مع وزارة التربية، تتمثل بالذهاب إلى قضاء العجلة لمقاضاة المسؤولين المعنيين، أي الوزير والمدير العام، بسبب القرارات الشفهية التي صدرت لمدراء الثانويات بعدم تسجيل حضور الأساتذة اليومي على البرنامج الالكتروني (سيمز) المعتمد منذ العام 2016، لمكننة المعلومات.
التسجيل على النظام الالكترونيرغم مرور شهر ونصف الشهر على فك روابط المعلمين الإضراب في التعليم الرسمي، ما زال غالبية الأساتذة يواصلون الإضراب، والامتناع عن التعليم، ويكتفون بحضورهم إلى الثانويات وتسجيل حضورهم على جدول الدوام اليومي. وبعد فشل ضغوط الوزارة بتهديد الأساتذة والمدراء بدمج المدارس والاستعانة بمتعاقدين، بدأت الوزارة مرحلة ضغوط أخرى، تمثلت بالطلب من المدراء عدم تسجيل حضور الأساتذة الممتنعين عن التعليم، على النظام الالكتروني، حتى لو حضروا إلى المدارس ووقعوا على جداول الحضور اليومي.ووفق عضو لجنة تنسيق انتفاضة الكرامة، صادق الحجيري، فإن عدم تسجيل الحضور على البرنامج الإلكتروني مخالف للقانون. لذا، طلبت لجنة الانتفاضة من الأساتذة التوجه إلى كتاب العدل في كل قضاء لتوكيل المحامين الذين تعهدوا بالدفاع عن حقوق الأساتذة. وذلك من خلال تقديم دعاوى لدى محاكم العجلة لإصدار أحكام فورية، تلزم الوزارة التقيد بالقوانين المرعية الإجراء. وطلبت اللجنة من الأساتذة التقدم من مدير الثانوية للحصول على كتاب خطي، يتضمن الأسباب الموجبة لعدم تسجيل أسمائهم على النظام الإلكتروني. وفي حال الرفض يتحمل هو المسؤولية القانونية. تعاميم شفهيةأطلق العمل ببرنامج سيمز في العام 2016 لتنظيم العمل ومكننته، من خلال ربط كل مدرسة وثانوية بوزارة التربية، ويستخدم في كل المعاملات المتعلقة بالطلاب وبالأساتذة. ويشير الحجيري إلى أن وزارة التربية طلبت من المدراء عبر تعاميم شفهية، من خلال دارسي المناطق، بعدم تسجيل حضور الأساتذة الممتنعين عن التعليم على النظام الالكتروني. وبالتالي، هي تعاميم شفهية تخالف التعاميم الرسمية التي صدرت عن المدير العام الأسبق فادي يرق، حول آلية التسجيل وكيفية إدخال البيانات.العديد من المدراء أبلغوا الأساتذة أن عدم تسجيل أسمائهم مرده إلى صدور تعاميم من وزارة التربية، وذلك بغية عدم لحظ أسمائهم من ضمن الأساتذة الذين يعلمون الطلاب ويستحقون الحصول على بدل الإنتاجية (125 دولاراً بالشهر)، التي أقرتها وزارة التربية لإنهاء العام الدراسي. وعدم وجود تعاميم رسمية بهذا الشأن مرده إلى تهرب مدير عام وزارة التربية ومدير التعليم الثانوي من الملاحقة القانونية، وإلقاء المسؤولية على مدراء الثانويات، الذين ينصتون لدارسي المناطق، من دون وجود صفة رسمية لهم في هذا الشأن. بل يجب على الوزير والمدير العام ومدير التعليم الثانوي تحمل المسؤولية من خلال تعاميم خطية. لذا، قرر الأساتذة مواجهة المسؤولين في وزارة التربية بالسبل القانونية، من خلال اللجوء إلى قضاء العجلة، لإصدار أحكام فورية، كما أكد الحجيري.اشتداد حدة المواجهةوضعت وزارة التربية نفسها بمواجهة أكثر من 3 آلاف أستاذ ممتنع عن التعليم، من خلال توسل طرق غير قانونية بغية إنهاء العام الدراسي وإجراء الامتحانات الرسمية. وظن المسؤولون في الوزارة أن تهديد وإخافة الأساتذة سيعيدهم إلى التعليم حتى من دون تنفيذ الوعود الهزيلة التي تعهدت بها، مثل بدل الإنتاجية وبدل نقل بخمسة ليترات بنزين عن كل يوم حضوري. ولم تتمكن الوزارة من تحقيق أي وعد سوى دفع متأخرات بدل الإنتاجية عن الفصل الدراسي الأول، التي كانت على عاتق الدول المانحة. ورغم ذلك، اعترتها شوائب عدة ووصلت متأخرة بدورها. أما بدل الإنتاجية الذي يقع على عاتق الوزارة، والذي كان يفترض أن يبدأ دفعها مطلع الشهر الحالي، فما زالت في إطار الوعود. وثمة إمكانية بدفع الدفعة الأولى منها في نهاية الأسبوع الحالي. وهذا أدى إلى تصاعد نقمة الأساتذة وإصراراهم على عدم تعليم الطلاب.وعوضاً عن لجوء وزارة التربية إلى وضع خطة طوارئ تربوية لإنقاذ العام الدراسي، دخلت في مواجهة مع الأساتذة بعدما عجزت عن الإيفاء بالوعود البسيطة. وكانت النتيجة أنها وضعت الأساتذة بمواجهة أهالي الطلاب الخائفين على مصير أبنائهم في القطاع الرسمي، وبمواجهة أهالي الطلاب في القطاع الخاص، الذين أنهوا البرامج وينتظرون إجراء الامتحانات الرسمية. وتركت الوزارة أساتذتها، رهن المدراء الذين عمل بعضهم على تأمين أموال للأساتذة من المتمولين في بعض المناطق، في المتن وجبيل وزغرتا، حيث فتحت العديد من الثانويات أبوابها لتعليم الطلاب. هذا فيما دخل الأساتذة في نزاعات مع زملائهم ومع المدراء في مناطق مثل البقاع. واستمرار الوضع الحالي يهدد بدخول الأساتذة وطلابهم في صراع مع الوزارة على الامتحانات الرسمية، وسط تلويح بتصعيد الاعتصامات عندما تقرر الوزارة موعد الامتحانات، وصولاً إلى التصادم على الأرض أمام مراكز الامتحانات.