اعتبرت صحيفة "فايننشال تايمز" أن اعتراف الأمم المتحدة بفشلها بالاستجابة الإنسانية في شمال غرب سوريا، عقب الزلزال الذي ضرب المنطقة فجر 6 شباط/فبراير، يظهر بشكل واضح مدى ارتباط علاقاتها مع النظام السوري.وأوضحت أن من بين تلك العلاقات هي توظيف ابنة مدير إدارة المخابرات العامة في النظام السوري حسام لوقا، المدرج على لوائح العقوبات الأميركية والأوروبية والبريطانية، في مكتب تابع لإحدى منظمات الأمم المتحدة الإغاثية في سوريا.وقال الصحيفة في تقرير الأربعاء، إن بطء وصول المساعدات الأممية إلى مناطق الشمال السوري الفقيرة عقب الزلزال، بحسب اعتراف مسؤوليها، أظهر الطريقة التي تستخدم فيها المساعدات الإنسانية كسلاح من قبل رئيس النظام السوري بشار الأسد بشكل اعتيادي، كما فضحت كل الطرق التي تضطر من خلالها الأمم المتحدة لتقديم تنازلات بما يعود بالفائدة على الأسد وحاشيته.ونقلت عن مصادر مطلعة قولها إن ابنة حسام لوقا المعاقب من قبل واشنطن وبروكسل ولندن، بسبب انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا، تعمل لدى مكتب الصندوق المركزي للاستجابة للطوارئ التابع للأمم المتحدة في دمشق، وهي وكالة أممية تقدم الاستجابة العاجلة عند وقوع كوارث طبيعية ونزاعات مسلحة.وإذ قال المتحدث الرسمي باسم الوكالة بأن "الأمم المتحدة لا تكشف معلومات موظفيها الشخصية"، أشار إلى أن "كل الموظفين لدى الوكالة يتم توظيفهم وفقاً لعملية توظيف صارمة".وتقول وثائق تم تسريبها في 2016، إن الأمم المتحدة سبق أن وظفت أقارب لمسؤولين رفيعي المستوى لدى النظام. وقال أحد العاملين في مجال الإغاثة بالشرق الأوسط: "لا يمكنني أن أخبركم عن عدد المرات التي دخل فيها أحد المسؤولين لدى الحكومة السورية إلى مكاتبنا وضغط علينا لنوظف ابنه".وتشير ممارسات التوظيف، بأن وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية العاملة ضمن مناطق سيطرة النظام، يمكن أن توظف أقارب موالين له، ما يخلف أثراً مرعباً" على بعض الكوادر المحلية.وقالت الصحيفة إن الوكالات الأممية قدمت تنازلات للنظام في ما يتعلق بالأمور التشغيلية، إذ أظهرت بيانات الأمم المتحدة أنها قدمت في 2022، 11.5 مليون دولار، و81.6 مليون منذ 2014، لفندق "الفور سيزون" بدمشق، المملوك من قبل رجل الأعمال سامر الفوز الخاضع هو والفندق للعقوبات الأميركية منذ 2019، بسبب علاقاته المالية مع الأسد.كما حصل الأسد على ملايين الدولارات القادمة على شكل مساعدات إنسانية، وذلك عبر إجبار وكالات الإغاثة الدولية على اعتماد سعر الصرف الرسمي لليرة، حيث استخدمها في دعم احتياطي المصرف المركزي السوري بالقطع الأجنبي.ويعود تاريخ التعاون بين الوكالات الإغاثية والنظام إلى بداية الحرب السورية في 2011، حيث زادت تلك الوكالات من وجودها بشكل سريع حتى تتمكن من القيام بإصلاحات سريعة بعد توقعاتها بسقوط الأسد، إلا أن الأمر كلف الغرب مليارات الدولارات واستدعى تقديم تنازلات للنظام تخالف مبادئ الإنسانية.لكن الأسد لم يسقط، كما أن تلك التنازلات لم يتم التفاوض عليها من جديد، إضافة إلى أن المنظمات الإغاثية خضعت بمرور السنين لمطالب النظام خوفاً من وقف تدفق المساعدات الإنسانية بشكل مستمر بسبب ضغوط أو تهديدات من النظام بذلك.وقالت الصحيفة إن الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية تعمل بالشراكة مع هيئات مرتبطة بالنظام السوري أبرزها الهلال الأحمر السوري ومديره خالد حبوباتي المتربط بالأسد، والأمانة السورية للتنمية الممولة من قبل زوجة الأسد أسماء الأخرس التي لاتزال تهيمن بشكل كبير على عملياتها.وأضافت أن الهلال الأحمر العربي السوري يعتبر أهم منظمة شريكة للأمم المتحدة في سوريا، وتمارس نفوذ كبيراً على المنظمات غير الحكومية الدولية، ولا بد للجنة من حكومة النظام الموافقة على جهودها الإغاثية مثلها مثل كل برامج الإغاثة في سوريا، بعد قيام العديد من الوزارات وفروع المخابرات بتقديم معلومات عن تلك البرامج.إضافة إلى ذلك، يتطلب حصول جهود الهلال الأحمر الإغاثية بالضرورة على موافقة إضافية من قبل جهاز أمن الدولة بما يوحي بأن هذا الجهاز يسهم في توجيه الجهود الإغاثية، وتصف المنظمات الإغاثية عملية الحصول على تلك الموافقات بأنها عقبة كبيرة في وجه عملها.