برغم الإنطلاقة البطيئة والمحسوبة جدّاً لقطار الإنتخابات البلديّة والإختيارية المرتقب أنْ تقام جولتها الأولى في 4 أيّار المقبل، في محافظة جبل لبنان، والتي يحرص عليها وزير الداخلية والبلديات أحمد الحجّار، متّبعاً سياسة “الخطوة خطوة”، أيّ أن يدعو الهيئات الناخبة في كلّ محافظة إلى خوض غمار الإنتخابات بشكل متدرّج، أسبوعاً إثر أسبوع، فإنّ ثمّة شكوكاً وتساؤلات ما تزال تدور حول مصير الإستحقاق المحلي.

وتتراوح هذه الشّكوك والتساؤلات بين أمرين: الأوّل أن تشهد الجلسة التشريعية المرتقبة الأسبوع المقبل لإقرار بعض القوانين الملحّة من قبل المجلس النيابي، أبرزها قانون السّرية المصرفية، إمراراً إمّا بالتوافق أو من تحت الطاولة، على شكل تهريبة، لاقتراح القانون المعجّل المكرّر الذي تقدم به النائبان مارك ضو ووضاح الصادق، من أجل تأجيل إجراء الإنتخابات البلدية والإختيارية حتى أواخر شهر أيلول المقبل، بهدف إدخال تعديلات معينة على قانون الإنتخابات الحالي.

لكنّ إقتراح القانون المذكور يصطدم، حتى الآن بعقبات، من أبرزها عدم وجود إجماع نيابي كافٍ حوله لإقراره وجعل أمر التمديد للمجالس البلديّة والإختيارية أمراً واقعاً لا مهرب منه، وأنّ بعضاً آخر ربط الموافقة على اقتراح القانون المذكور بإدخال تعديلات أخرى عليه تناسبه، إضافة إلى سعي آخرين إلى “مقايضة” الموافقة على اقتراح قانون التمديد بأمور أخرى ليس لها علاقة بالقانون.

أمّا الآمر الآخر من الشّكوك والتساؤلات حول مصير الإنتخابات البلديّة والإختياريّة، وفق مطلعين على ما يدور في الأروقة الضيّقة، فهو الحرص الشّديد لكلّ من رئيسي الجمهورية جوزاف عون ورئيس الحكومة نوّاف سلام على إجراء الإنتخابات المحلية في مواعيدها، ورفض تأجيلها حتى لا يشكّل ذلك “دعسة” ناقصة للعهد في مستهله، ما يجعل إجراء الإنتخابات أمراً مطلوباً من العهد بإلحاح كبير، كما هو مطلب من جهات دولية عديدة.

وتتمحور هذه الشكوك والتساؤلات خاصّة حول مصير الإستحقاق المحلي في الدورتين الأخيرتين، في 18 أيّار في محافظات بيروت والبقاع وبعلبك ـ الهرمل، وفي 25 أيّار في محافظتي الجنوب والنبطية، بعد إنجاز الدورتين الأوليْن في 4 أيّار المقبل في جبل لبنان وفي 11 أيار في محافظتي الشّمال وعكّار.

فإجراء أوّل دورتين سيشكل “براءة” ذمّة للعهد، برأي البعض، من تهمة عدم إجراء الإستحقاقات الإنتخابية والدستورية في مواعيدها، ولو كانت هذه البراءة ناقصة، على أن يجري غضّ النظر عن تأجيل إجراء آخر دورتي إنتخابات بحجج وذرائع مختلفة، من أبرزها آثار العدوان الإسرائيلي على لبنان في محافظات الجنوب والنبطية والبقاع وبعلبك ـ الهرمل، وعدم عودة أغلب الأهالي إلى البلدات والقرى المتضرّرة، ما سيجعل إجراء الإنتخابات فيها أمراً متعذّراً، برغم إعلان رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي باسم الثنائي الشيعي، حزب الله وحركة أمل، بأنّهما مستعدين للإنتخابات حتى ولو أجريت ضمن خيم فوق التراب والرّكام.