2025- 04 - 07   |   بحث في الموقع  
logo الجيش يوقف متورطين في خطف وتهريب سوريين logo سلام: الاصلاحات المالية انطلقت ويجب بسط سيادة الدولة logo استرداد الأملاك البحرية: هل تدخل الحكومة دهاليز الحرب الأهلية؟ logo غارة تستهدف سيارة جنوباً..عون: بقاء الاحتلال يعقد الوضع logo شرطة بلدية طرابلس تزيل عوائق حديدية من شوارع المدينة logo بالصوره؛ غارة إسرائيلية على سيارة في بيت ليف logo بعد الغارة الإسرائيلية… جريح في بيت ليف logo إضراب عام في إسرائيل: لإبرام صفقة تبادل مع "حماس"
"أربعون حجراً من ركام الضاحية"...الحداد عبوراً نحو الحياة
2025-04-07 13:56:31

قد يبدو من عنوان العرض الأدائي أنه محاولة متسرعة أو جرأة غير محسوبة لواقع ما زال يومياً. ما زال الركام يلف الشوارع الداخلية لضاحية بيروت ولم نأخذ مسافة زمنية كافية كي نستوعب أو نتأمل ماذا حصل ولماذا كل هذا الركام من حولنا؟
إلا أن الإجابة على هذا التساؤل سيفتتح عرض "أربعون حجراً من ركام الضاحية" في "مسرح زقاق" ليمسي هذا الركام دليلاً حسياً أو نقطة انطلاق العرض الذ يستعرض الأعوام 1948 و1967 و1982 وما ذكره الجَدّ والأب وما حفظت الطفولة من صور متراكمة من 1996 و2006 وغيرها من التواريخ التي تتعدى قرية لبنانية مواجهة لفلسطين والهجرات المتلاحقة وصولاً إلى ضاحية بيروت الجنوبية. سيرة من حجارة سيقام فوقها احتفال طقوسي بمدلولات أسطورية عاشتها حضارات تلك البقعة من البلدان، لا سيما العراق واليمن وسوريا وفلسطين ولبنان، وما يلفها من أساطير تعود إلى بابل وبلاد ما بين النهرين. ركام الأساطير
في جلسة دائرية يلتف الجمهور، وفي والوسط أربعون حجراً متدلياً من ركام الضاحية، وشاب (هاشم هاشم) يسرد ويجمع الماضي والحاضر، الوعي اليومي والجذور الأسطورية التي ترافقه في تجسيدها الكاهنة اطيفة (فاطمة مروة) إذ تخلط الواقع بالأسطورة والمأساة مع الملهاة. كأن تخبرنا عن الإغريق والأم الباكية التي تتحول إلى صخرة، لتعود وتخبرنا أن ما نسمعه من أصوات خارج القاعة ما هي إلا حفلة مفرقعات وليست قنابل تنهمر حولنا. ألا أن عصب العرض ومحوره كان من حكاية الخلق البابلية التي تقول إن العالم لم يكن من شيء، في الأعلى لم تكن هناك سماء، وفي الأسفل لم تكن هناك أرض. لم يتبق سوى ثلاث آلهة هم "أبسو"-الماء العذب، و"تيامات"-الماء المالح، و"ممو" ديفيد- وزير أبسو. تزاوج أبسو وتيامات فأنجبا الوحوش التي تكاثرت وتوالدت وهي تعيش في جوف الأم تيامات، حتى أصبح لحركتها ضجيج أزعج أبسو فقرر القضاء عليها. اجتمع أبسو بزوجته ووزيره وصارحهما برغبته فرفضت تيامات قتل أبنائها واحتجت لزوجها: لماذا ندمر من وهبناهم الحياة؟ هي صرخة كأنها قدر تلك البقعة التي نعيش فيها وتتماهى أساطيرها مع التاريخ الحديث والواقع اليومي المعاش. نص "أربعون حجرا من ركام الضاحية" الذي عالجته دراماتورجياً بترا سرحال بالتعاون مع هاشم هاشم، رحلة تجوال وتأمل في هذا الخراب والحزن، رحلة تجنح إلى شاعرية المكان والانتماء المهدد دائماً بالبطش والتوحش.
احتفالية الفقد
يقول العرض أن فكرة الحرب تتكرر بلا نهاية منذ عصر الأساطير حتى يومنا هذا، وهذه المنطقة يلفها القصف والتدمير والتهجير. ولا نملك من السيطرة على هذا التكرار سوى احتفالية الفقد ورمزية الأربعين يوماً وما تحمله من دلالات الحِداد والعبور منه إلى الحياة. وما اختيار الأربعين حجراً الا إقامة هذا الحداد والعبور نحو حياة نتشبث بها ونحييها حجراً وبشراً، وهو ما أراده هاشم هاشم في نهاية العرض من تذكّر الراحل الأقرب إليه، نسيبه الذي أقام له تأبيناً تكريمياً وحفر له على الأرض رسالة ضوئية كتب فيها:
هاتان العينان لن تحيّيانا مرةً أخرى، هاتان الشفتان، لن تقبّلانا، هاتان اليدان لن تصافحانا، هذا الصّوت لن ينادي باسمنا لكن الفرحَ لنا، أن سمعناه يومًا. تعبر الآن البوابة روحُكِ، تاركةً خلفها جسدًا من تراب، لحمه قوتًا للأزهار وعظامه جذورًا للأشجار.
أحفر هذه الحفرة، وأسجّيكَ فيها، كي لا تُصيبك العاصفة بالبرد. أغسلك بالطيّون، كي يملأ العطر أيّامَك.
أضع حولكَ وريقات الورود، فتذبل هي بدلًا منك. أحرق البخور، كي تقودك الرائحة إلى حيث يجب أن تكون.
أغنّي لكَ، كي تأخذ معك كلّ القصص التي صنعناها معًا. نواسيك، كي تعرف أنّك أبدًا لن تكون وحيدًا..
نبكيكَ، كي تعرف أنّنا دومًا سنحبّك. نرثيك، ونواريكَ، كي تنام أمام أعيننا، مرّةً أخيرة.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top